فنقول: إذا تعارض خبران قطعيّان من حيث السند فإن كان لأحدهما قرينة على الآخر بحيث يكون قرينة عليه، و يفهم منها عرفا معنى معيّنا، فلا إشكال، كما إذا كان أحدهما نصا و الآخر ظاهرا، أو أحدهما أظهر و الآخر ظاهرا، و أمّا إذا لم يساعد العرف على قرينة [1] أحدهما، أو كل منهما للآخر، فإمّا أن يكون المعنى التأويلي المحتمل متعينا أو متعددا، ففي الصورة الأولى إذا علمنا بإرادة ذلك المعنى بعد ملاحظة قطعيّة سنديهما، فلا إشكال في الأخذ به، لكن لا من جهة [2] اعتبار المعنى التأويلي من حيث هو، بل من جهة العلم بالواقع، و أمّا مع عدم العلم به بأن يكون ذلك المعنى متعينا في مقام التأويل بعد فرض عدم إرادة الظاهر و عدم مساعدة العرف عليه، و عدم عدّه من مداليل اللفظ من حيث هو بعد صرفه عن ظاهره، و لكن لم يكن معلوما إرادته واقعا، لاحتمال عدم إرادة كلا الظاهرين مثلا ففي اعتباره و جواز الاعتماد عليه وجهان:
يظهر من المحقق الأنصاري (قدس سره) اعتباره؛ لأنّه جعل قطعيّة الصدور قرينة على إرادة التأويل [3]، و كلامه مطلق شامل [4] لما إذا لم يعلم كونه مرادا واقعيا، و يمكن أن يقال بعدم اعتباره، بل يمكن تنزيل كلامه (قدس سره) أيضا على مجرد بيان أنّ اللازم الحمل على التأويل.
و أمّا أنّ المعنى التأويلي معتبر أم لا؛ فلا نظر إليه، فيمكن أن ينزل على ما إذا كان المعنى التأويلي معلوما كونه مرادا واقعيّا، و كيف كان فوجه الاعتبار أنّ ذلك المعنى إذا كان متعينا في مقام التأويل مع العلم بعدم إرادة الظاهر فيتعين الحمل عليه، و لا يضر عدم حصول العلم بالواقع من جهة احتمال إلغاء كلا الظاهرين و عدم ارادة شيء منهما لمصلحة من المصالح، و وجه عدم الاعتبار أنّ المفروض أنّه لا يعدّ معنى