إنّ المراد من الطرح في هذه القضية أعمّ من طرح أحدهما معينا بسبب [2] مزيّة في الآخر، أو مخيّرا لأجل التعادل، و من [3] طرحهما لأجل التوقف و التساقط، بناء على أنّ الأصل في المتعارضين ذلك، أو لأجل عدم إمكان جعل المتعارضين، فهذه القاعدة على فرض تماميّتها ليست مخصوصة ببعض المباني دون بعض، بل هي جارية على جميع المذاهب و المباني، و الفرض أنّ الرجوع إلى أحكام التعارض من التخيير أو التوقف و التساقط أو الترجيح فرع عدم إمكان الجمع، و معه فالحكم واحد عند الجميع، و هو الأخذ بالخبرين و رفع التنافي من المتعيّن، إذ أنّ دائرة القاعدة مع لحاظ الأخبار العلاجيّة أضيق منها على فرض عدم لحاظها، إذ مع لحاظها يمكن أن يقال [4]: و إن كان مقتضى القاعدة الجمع بالتأويل البعيد، إلا أنّ الأخبار العلاجيّة تقتضي عدم الجمع إذا صدق التعارض عرفا، و استقرّ هذا الصدق، و هذه بخلاف ما لو أغمضنا عنها، فإنّ اللازم بناء على تماميّة القاعدة الأخذ بكل ما يصدق عليه الجمع، فدائرتها في قبال التوقف و التساقط اللذين يقتضيهما الأصل و القاعدة أوسع منها في قبال الأخبار العلاجيّة.
إلا أن يدعى أنّ الأخبار أيضا منصرفة إلى صورة عدم إمكان الجمع، و لو بالتأويل البعيد، و هو كما ترى.
و كيف كان؛ فالغرض أنّ نظر القائل بالجمع ليس إلى خصوص ما لو قلنا على فرض عدم الجمع بالرجوع إلى الأخبار العلاجيّة كما في كلام صاحب الغوالي.
ثمّ إنّه [5] لا وجه لجعل الأخبار المذكورة معارضة للقاعدة بالعموم من وجه، بدعوى أنّها أعمّ من الأخبار الظنيّة و غيرها، و الأخبار أعمّ مما كان الجمع ممكنا أو لا أو مطلقا، بدعوى أنّ الإمكان المأخوذ في القاعدة من قبيل الشروط لا لعنوان،
[1] الثاني من الأمور التي يتم بها مقتضى التحقيق في حال التعارض.