إنّ التعارض يكون بين الآيتين و الخبرين القطعيين من حيث السند و الظنيين من حيث السند أو الدلالة، و الأمارتين من الأمارات المعتبرة على اختلافها، و المختلفتين في المذكورات، و الأصلين اللفظيين أو العمليين، و إن كان عقد الباب لخصوص تعارض الخبرين الظنيين من حيث السند، لمكان اختصاص الأخبار العلاجيّة بها، و يمكن تعميمها إلى الخبرين القطعيين من حيث السند فقط، و المختلفين، و ستأتي الإشارة إليه، و لعلّه إلى هذا نظر صاحب المعالم حيث قال [1]:
إنّ تعارض الأدلّة الظنيّة لمّا كان عندنا منحصرا في الأخبار، لا جرم كانت وجوه الترجيح كلّها راجعة إليها، و ذلك لأنّ غير الأخبار من سائر الأمارات ليست معتبرة عنده، و تعارض الخبر الظني مع الكتاب غير مقصود بالبحث في المقام، فلا يرد عليه عدم الانحصار.
و يمكن أن يكون نظره إلى الأدلة الظنيّة من جميع الجهات، فتخرج الصورة المذكورة.
و كيف كان .. [فقد] ذكر المحقق القمي تبعا للقوم أنّه لا تعارض بين القطعيين، و لا بين قطعي و ظني، و إنّما يتحقق بين الظنيين، و مرادهم القطعي من جميع الجهات، كما هو واضح، و أورد عليه صاحب الفصول بأنّه يمكن التعارض بين القطعي و الظني الشأني، و إن أريد الفعلي فلا يتحقق في الظنيين أيضا، و إن أريد من الظني في الظنيين [2] الشأني، و في القطعي و الظني الفعلي لزم التفكيك و اختلال النظم.
قلت: و هو كما قال؛ إذ المراد تعارض ما يكون دليلا في حدّ نفسه و إن وجب رفع اليد عنه بواسطة المعارض الأقوى، و الظني الشأني في مقابل القطعي و إن كان واجب الطرح إلا أنّه يصدق عليه أنّه دليل عارض دليلا آخر، غاية الأمر أنّه قدّم عليه من باب الترجيح، و بمجرّد ذلك لا يخرج عن صدق التعارض، و إلا ففي جميع
[1] معالم أصول الدين: 391، و 250 طبعة أخرى بتحقيق محمد علي البقال.
[2] بعدها في نسخة (ب): الفعلي و في القطعي و الظني الشأني.