الكثرة، كما في الشبهة غير المحصورة، بل و في باب أصالة الصحّة في العقود، و في باب العيوب، كذلك لا يعتنون باحتمال النسخ- الذي لا يعلم وقوعه في الشريعة إلّا في موارد قليلة جدّاً- في مقابل التخصيص و التقييد الرائجين الشائعين.
و لهذا ترى: أنّ بناء فقه الإسلام على التخصيص و التقييد، و قلّما يتّفق أن يتفوّه فقيه بالنسخ، مع أنّ في جلّ الموارد يتردّد الأمر بينهما؛ للجهل بتأريخ صدورهما، و عروض الاحتمالات المتقدّمة عليهما.حصّل ممّا ذكرنا: أنّ النسخ مقدّم على التخصيص في بعض الصور، و بالعكس في بعضها، و لا يتقدّم أحدهما على الآخر في بعضها، على بعض الاحتمالات.
ثمّ لا يخفى: أنّ الظاهر ممّا ذكروا في وجه تقديم التخصيص على النسخ؛ من كثرته [1] و وجهِ تقديم النسخ على التخصيص- من كون تقييد الإطلاق أهون من التخصيص [2]- أنّ الدليلين واردان على موضوع واحد، ففي مورد واحد يتشبّث كلّ بما ذكر من وجه التقديم.
لكن اتّضح بما قدّمناه: أنّ مورد التمسّك بأهونيّة التقييد، إنّما هو فيما علم التأريخ، و لا يجري في المجهول، و مورد التشبّث بالكثرة إنّما هو في مجهولي التأريخ دون غيرهما، فلا يخلو استدلالهم من الخلط.