و هذا بخلاف ما لو أمر المولى بالضدين مطلقا- غفلة- فان لا يستحق عقوبتين مما يبرهن على أن ميزان صحة العقاب: امكان التخلص، و المكلف في المثال لا يمكنه التخلص الا عن احدى المعصيتين فلا يستحق الا عقابا واحدا.
و يرد عليه:
أنه مستلزم لجواز الامر بجميع المحالات الوقوعية، بل الذاتية معلقا على عصيان تكليف مولوي أو ارتكاب فعل اختياري- و ان كان مباحا- و جواز العقاب على تركها كقوله (ان ظاهرت زوجتك فطر في السماء) أو (ان دخلت دار زيد فاجمع بين النقيضين) و ذلك لوجود الملاك المذكور و هو امكان التخلص من المخالفة فيها، بعدم ايجاد مقدم الشرطية، فلا يقبح الخطاب بها و لا العقاب عليها، و هو خلاف الوجدان.
و كون الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا- و ان نافاه خطابا- لا ينافيه لكون مجراه الممكنات بالامكان الذاتي و الوقوعي التي طرأ عليها (الامتناع الغيري) بسوء الاختيار لا (الممتنعات الذاتية) و لا (الوقوعية) و لا (الغيرية) [1]
[1] الامكان الذاتى عبارة عن تساوى نسبة الشىء الى الوجود و العدم بحيث لا يقتضى بذاته أحدهما.
- و الامكان الوقوعى عبارة عن كون الشىء بحيث لا يستلزم وجوده و لا عدمه محذورا عقليا.
- و الامتناع الغيرى عبارة عن عدم تحقق علة الشىء، فكل شىء لم توجد علته التامة يطلق عليه انه ممتنع غيرى.
- و الامتناع الذاتى عبارة عن كون الشىء بحيث يقتضى بذاته العدم اقتضاء حتميا و يحكم العقل بمجرد تصوره انه ممتنع الوجود كاجتماع النقيضين أو ارتفاعهما.
- و الامتناع الوقوعى عبارة عن كون الشىء بحيث يلزم من وقوعه الباطل و المحال و ان لم يكن بمحال ذاتا. كذا ذكره بعضهم.