ثم لا يخفى ان التكليف بالجمع لا يجب ان يكون بعنوانه، لامكان انتزاعه من تكليف العبد بشيئين متزامنين، و لو بأمرين منفصلين و يكفي في صدق العنوان الانتزاعي صدق منشأ انتزاعه، فانه مجعول بجعله، و مطلوب بطلبه، منتهى الامر ان أحدهما مجعول بالذات، و الآخر مجعول بالعرض، كما لا يجب أن يكون التكليف بالجمع مطلقا، بل يمكن- أيضا- كونه تكليفا بالجمع مشروطا.
و عليه: فلا يشترط في كون التكليف تكليفا بالجمع: الاطلاق، و لا عدم تعلقه بذات كل من الواجبين فالتفكيك بينهما لا يخلو من نظر، فتأمل.
و يؤيده ما ذكره المحقق النائيني (قدس سره) في طي ما استدل به لامكان الترتب حيث قال:
(و الحاصل انه لا اشكال في أن الموجب لايجاب الجمع في غير باب الضدين انما هو اطلاق الخطابين لحالتي فعل متعلق الآخر و عدمه، كالصلاة و الصوم، فان الموجب لايجاب الجمع بينهما انما هو اطلاق خطاب الصلاة و شموله لحالتي فعل الصوم و عدمه، و اطلاق خطاب الصوم و شموله لحالتي فعل الصلاة و عدمه. و نتيجة الاطلاقين ايجاب الجمع بين الصلاة و الصوم على المكلف ...).
[الخامس] العقاب على الجمع فى الترك
(الخامس): ما في منتهى الدراية من أن مناط استحقاق تعدد العقوبة ليس مخالفة الامر بالجمع بين المتعلقين، ليورد بعدم القدرة، بل مناطه (الجمع في الترك)، و هو أمر مقدور للعبد، فالمؤاخذة على الجمع في الترك حينئذ لا قبح فيها عقلا.