إنّها لما اعتلّت العلّة التي قبضت فيها، قيل: كانت عندها أسماء بنت عميس (رحمها اللّه تعالى)[1] تعالجها في مرضها، فأتتها ذات يوم بعد ما ماتت، فظنّت أنّها نائمة فكلّمتها فلم تردّ، فرفعت الثوب عن وجهها فوجدتها ميّتة، فبكت بكاء شديدا، ثمّ دخل الحسن و الحسين (عليهما السلام) فقالا: «يا أمّاه، ما هذا النوم؟».
فقالت لهما أسماء: إنّ أمّكما قد ماتت، فأتيا إليها، فكان كلّ منهما يبكي و يقول: «يا أمّاه، كلّميني قبل أن تفارق روحي جسدي».
ثمّ مضيا إلى مسجد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و هما يبكيان، فقال الناس:
ما يبكيكما، يا ابني رسول اللّه، كأنّكما نظرتما إلى موقف جدّكما [2] فبكيتما؟
فقالا للناس: «إنّ أمّنا قد ماتت؟!» فمضى أمير المؤمنين (عليه السلام) فوجدها ميّتة [3].
و نقل أنّه أدركها قبل وفاتها و كلّمها، و قال لها: «ما تجدين؟».
فقالت: «أجد الموت» و أوصته بأولادها، ثمّ توفّيت في حضوره [4].
و دفنت (عليها السلام) ليلا بالبقيع [5]، و قيل: بين القبر و المنبر- و هي الروضة- و قيل: في بيت الأحزان، و قيل: في بيتها، فلمّا زاد بنو أميّة في المسجد صارت في المسجد.
[1] و هي أسماء بنت عميس الخثعمية، هاجرت مع زوجها جعفر إلى الحبشة، و تزوجت بعده بأبي بكر و ولدت منه محمّد، ثمّ تزوجها علي (عليه السلام)، و كانت موالية له و لفاطمة (عليها السلام)، تجد ترجمتها في طبقات ابن سعد 8: 280، سير أعلام النبلاء 2: 282، معجم رجال الحديث 23: 171، تراجم أعلام النساء 1: 222.