هذا اخبار عن الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله)انه " سيقول لك " يامحمد " المخلفون من الاعراب " قال ابن اسحاق ومجاهد: لما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله)الخروج إلى مكة عام الحديبية أحرم بعمرة ودعا الاعراب الذين حول المدينة إلى الخروج، فتثاقلوا: أسلم وغفار وجهينة ومزينة، فاخبر الله تعالى بذلك. والمخلف هو المتروك في المكان خلف الخارجين عن البلد، وهو مشتق من المتخلف وضده المتقدم. تقول خلفته كما تقول قدمته تقديما، وإنما تخلفوا لتثاقلهم عن الجهاد وإن اعتذروا بشغل الاموال والاولاد. والاعراب الجماعة من عرب البادية، وعرب الحاضرة ليسوا بأعراب، ففرقوا بينهما، وإن كان اللسان واحد.
وقوله " شغلتنا أموالنا وأهلونا " أخبار بما اعتلوا به، فالشغل قطع العمل عن عمل، لا يمكن الجمع بينهما لتنافى أسبابهما كالكتابة والرمي عن القوس والله لا يشغله شأن عن شأن لانه لا يعمل بآلة. وقوله " فاستغفر لنا " حكاية ما قالوه للنبي وسألوه أن يستغفر لهم والاستغفار طلب المغفرة بالدعاء مع التوبة عن المعاصي فهؤلاء سألوا الدعاء بالمغفرة، وفي قلوبهم خلاف ما أظهروه بافواههم ففضحهم الله وهتك أستارهم، وأبدى ما نافقوا به في جهادهم، فقال " يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ".
ثم قال للنبي (صلى الله عليه وآله)" قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا " لا يقدر احد على دفعه " أو اراد بكم نفعا " لا يقدر احد على إزالته " بل كان