وليس المراد بها لام الغرض، لانه تعالى لايريد أن يمكروا، وقد قال وماخلقت الجن والانس الا ليعبدون " [4] وإرادة القبيح قبيحة. والتقدير وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليطيعوني ويمتثلوا أمري، وكان عاقبتهم أن مكروا بالمؤمنين وخدعوهم، فقال الله تعالى " ومايمكرون الا بأنفسهم " لان عقاب ذلك يحل بهم. والمكر هو فتل الشئ إلى خلاف الرشد على وجه الحيلة في الامر. والمكر والختل والغدر نظائر. وأصل المكر القتل. ومنه جارية ممكورة أي مفتولة البدن. ووجه مكر الانسان بنفسه أن وبال مكره يعود عليه، كأنه قال ومايضرون بذلك المكر الا أنفسهم، ومايشعرون انهم يمكرون بها، ولايصح أن يمكر الانسان بنفسه على الحقيقة، لانه لايصح أن يخفي عن نفسه معنى مايحتال به عليها ويصح أن يخفي ذلك عن غيره.
وفائدة الاية ان أكابر المجرمين لم يمكروا بالمؤمنين على وجه المغالبة لله، اذكأنه جعلهم ليمكروا مبالغة في انتفاء صفة المغالبة.
[1] قائلة الاعشى. ديوان الاعشيين: 247 واللسان " حمر " وتفسير الطبري 12 / 94 وفيه اختلاف كثير في الرواية، وقد اثبتنا مافي مخطوطة التبيان [2] سورة 28 القصص آية 8 [3] مرتخريجه في 3 / 60 وسيأتي في 5 / 43 [4] سورة 51 الذاريات آية 56.
نام کتاب : التبيان في تفسير القرآن نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 4 صفحه : 261