في هذه الاية احتجاج من ابراهيم (ع) على قومه وتأكيد لماقدم من الحجاج لانه قال لهم: وكيف تلزمونني ان اخاف ماأشركتم به من الاوثان المخلوقة وقد تبين حالهم، وانهم لايضرون ولاينفعون، وانتم لاتخافون من هو القادر على الضر والنفع بل تتجرؤن عليه وتتقدمون بين يديه بأن تجعلوا له شركاء في ملكه وتعبدونهم من دونه، فأي الفريقين احق بالامن: نحن المؤمنون الذين عرفنا الله بأدلته ووجهنا العبادة نحوه؟ ام أنتم المشركون بعبادته غيره من الاصنام والاوثان؟ ولو أطرحتم الميل والحمية والعصبية لما وجدتم لهذا الحجاج مدفعا.
وقوله " مالم ينزل به سلطانا " أي حجة لان السلطان هو الحجة في اكثر القرآن، وذلك يدل على ان كل من قال قولا واعتقد مذهبا بغير حجة مبطل.
وقوله " ان كنتم تعلمون " معناه ان كنتم تستعملون عقولكم وعلومكم وتحكمونها على ماتهوونه وتميل اليه أنفسكم.
وفي الاية دلالة على فساد قول من يقول بالتقليد وتحريم النظر والحجاج، لان الله تعالى مدح ابراهيم لمحاجته لقومه وامر نبيه بالاقتداء به في ذلك فقال " وتلك حجتنا آتيناها ابراهيم على قومه " [1]. ثم قال بعد ذلك: " اولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده " اي بأدلتهم اقتده.