نام کتاب : التبيان في تفسير القرآن نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 4 صفحه : 106
الجعل إلى نفسه، لانه الذي شبه أحدهما بالاخر وذلك سائغ في اللغة كما يقول القائل لغيره - اذا أثنى على إنسان وذكر فضائله ومناقبه - جعلته فاضلا خيرا عدلا، وان كان لم يفعل به ذلك. وبالعكس من ذلك اذا ذكر مقابحه ومخازيه وفسقه يحسن أن يقال له: جعلته فاسقا شريرا، وان لم يفعل في الحالين شيئا من ذلك وكل ذلك مجاز. ومنه قولهم: جعل القاضى فلانا عدلا وجعله ثقة وجعله ساقطا فاسقا، كل ذلك يراد به الحكم عليه بذلك والابانة عن حاله كما قال الشاعر.
جعلتني باخلا كلاب ورب معنى * اني لاسمح كفا منك في اللزب [1]
أي سمتني باخلا. وقوله " ومنهم من يستمع اليك.. " فكنى عنها بلفظ الواحد حملا له على اللفظ، فلما قال " وجعلنا على قلوبهم أكنة " رده إلى المعنى فعامله معاملة الجمع، لان لفظة (من) تقع على الواحد وعلى الجمع حقيقة.
قوله تعالى:
وهم ينهون عنه وينؤن عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون [26] آية بلاخلاف.
وقوله " وهم " كناية عن الكفار الذين تقدم ذكرهم عند أكثر المفسرين:
الجبائي والبلخي وغيرهم. وقال قوم: نزلت في أبي لهب، لانه كان يتبعه في المواسم فينهى الناس عن أذاه وينأى عن اتباعه. والاول أشبه بسياق الاية.
وقيل: نزلت في أبي طالب، وهذا باطل عندنا، لانه دل الدليل على إيمانه بما ثبت عنه من شعره المعروف وأقاويله المشهورة الدالة على أعترافه بالنبي (صلى الله عليه وآله).