نام کتاب : التبيان في تفسير القرآن نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 2 صفحه : 449
على خلاف مجرى العادة، فسأل ذلك. وزكريا (ع) وإن كان عالما بانه تعالى يقدر على خلق الولد من العاقر، وإن لم تجربه العادة، فانه كان يجوز ألا يفعل ذلك لبعض التدبير، فلما رأى خرق العادة بخلق الفاكهة في غير وقتها قوي ظنه أنه يفعل ذلك:
إذا اقتضت المصلحة، وقوي في نفسه ما كان علمه، كما أن ابراهيم وإن كان عالما بأنه (تعالى) يقدر على إحياء الميت سأل ذلك مشاهدة لتأكد معرفته ونزول عنه خواطره. وقال الجبائي: إن الله تعالى كان أذن له في المسألة وجعل وقته الذي أذن له فيه الوقت الذي رأى فيه المعجزة الظاهرة فلذلك دعا.
وقوله (قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة) فالهبة تمليك الشئ من غير ثمن تقول: وهب يهب، فهو واهب والشئ موهوب، وتواهبوا الامر بينهم تواهبا، واستوهبه استيهابا. وقوله من لدنك معناه من عندك وإنما بني ولم يبن عند، لانه استبهم استبهام الحروف، لانه لايقع في جواب أين كما يقع عند نحو قوله أين زيد فتقول عندك، ولاتقول لدنك. " ذرية " تقع على الجمع، والواحد. وقيل أن المراد ههنا واحد لقوله " فهب لي من لدنك وليا " [1] وأما بمعنى الجمع، فمثل قوله: " ذرية من حملنا من نوح " [2] وقوله: " طيبة " قال السدي معناه مباركة. وإنما انث طيبة، وهو سأل ولدا ذكرا على تأنيث الذرية كما قال الشاعر:
أبوك خليفة ولدته أخرى * وأنت خليفة ذاك بالكمال [3]
وقال آخر:
فما نزدري من حية جبلية * سكات إذا ما عاض ليس بأدردا [4]
فجمع التأنيث، والتذكير في بيت واحد مرة على اللفظ، ومرة على المعنى.