نام کتاب : التبيان في تفسير القرآن نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 2 صفحه : 223
ذكره الزجاج. وقيل: الحرث كناية عن النكاح على وجه التشبيه.
وقوله: " أنى شئتم " معناه: من أين شئتم - في قول قتادة، والربيع وقال مجاهد: معناه كيف شئتم. وقال الضحاك معناه متى شئتم، وهذا خطأ عند جميع المفسرين، وأهل اللغة، لان (أنى) لايكون إلا بمعنى من أين، كما قال:
" أنى لك هذا قالت هو من عند الله " [1]. وقال بعضهم: معناه من أي وجه واستشهد بقول الكميت بن زيد:
وهذا لا شاهد فيه، لانه يجوز أن يكون أتى به، لاختلاف اللفضين، كما يقولون: متى كان هذا وأي وقت كان، ويجوز أن يكون بمعنى كيف. وتأول مالك، فقال: " أنى شئتم " تفيد جواز الاتيان في الدبر، ورواه عن نافع عن أبي عمرو، وحكاه زيد بن أسلم عن محمد بن المنكدر، وروي من طرق جماعة عن ابن عمر، وبه قال أكثر أصحابنا، وخالف في ذلك جميع الفقهاء، والمفسرين، وقالوا: هذا لايجوز من وجوه:
أحدها - أن الدبر ليس بحرث، لانه لايكون فيه الولد. وهذا ليس بشئ لانه لم يمتنع أن تسمى النساء حرثا، لانه يكون منهن الولد، ثم يبيح الوطئ فيما لايكون منه الولد، ويدل على ذلك أنه لاخلاف أنه يجوز الوطئ بين الفخذين وإن لم يكن هناك ولد.
وثانيها - قالوا: قال الله: " فأتوهن من حيث أمركم الله " وهو الفرج، والاجماع على أن الاية الثانية ليست بناسخة للاولى. وهذا أيضا لا دلالة فيه، لان قوله: " من حيث أمركم الله " معناه: من حيث أباح الله لكم، أو من الجهة التي شرعها لكم، على ما حكيناه عن الزجاج، ويدخل في ذلك الموضعان معا.