أي أعلمتنا. وهو قول الزجاج، وغيره من أهل اللغة. فان قيل: إذا كانوا إنما هدوا للحق من الاختلاف فلم قيل: للاختلاف من الحق؟ قيل: لانه لما كانت العناية بذكر الاختلاف. كان الاولى بالتقديم، ثم تفسيره ب (من). وقال الفراء هو من المقلوب نحو قول الشاعر:
كانت فريضة ما تقول كما * كان الزناء فريضة الرجم [2]
وإنما الرجم فريضة الزنا. وكما قال الاخر:
إن سراجا لكريم مفخرة * تحلى به العين إذا ما تجره [3]
وإنما يحلى هو بالعين. وقال غيره إنما يجوز القلب في الشعر للضرورة. ووجه الكلاخ على ما بيناه واضح. فان قيل: ما الهدى الذي اختص به من يشاء؟ قيل فيه ثلاثة أقوال: قال الجبائي: اختص به المكلفين دون غيرهم ممن لا يحتمل التكليف، وهو البيان، والدلالة والثاني - قال: ويجوز أن يكون هداهم على طريق الجنة، ويكون للمؤمنين خاصة. وقال ابن الاخشاد، والبلخي: يجوز أن يكون المراد بالهداية هاهنا الارشاد إلى الدين، ونصب الدلالة عليه، لانه تعالى لايخص بذلك قوما دون قوم، بل لا يصلح التكليف من دونه. وقد بين الله تعالى: أن اختلافهم كان بعد أن جاءتهم البينات فعم بذلك جميعهم، فلو أراد الله بقوله " فهدى الله الذين آمنوا " بالبينات، لكان متناقضا - أللهم إلا أن يحمل ذلك على أنه أضاف اليهم الهداية، من حيث كانوا هم المنتفعين بها، والمتبعين لها، فكأنهم كانوا هم المخصوصين بها كما قال: " هدى للمتقين " [4]