نام کتاب : التبيان في تفسير القرآن نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 2 صفحه : 170
قوله تعالى:
فاذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الاخرة من خلاق [200] آية بلا خلاف المعنى:
قوله تعالى: " فاذا قضيتم " معناه فرغتم منها. وأصل القضاء: فصل الامر على أحكام. وقد يفصل بالفراغ منه كقضاء المناسك وقد يفصل بالعمل له على تمام كقوله " فقضاهن سبع سموات في يومين " [1] وقد يفصل بالاخبار على القطع كقوله تعالى: " وقضينا إلى بني اسرائيل " [2] قد يفصل بالحكم كقضاء القاضي على وجه الالزام بالقهر.
والمناسك المأمور بها هاهنا جميع أفعال الحج المتعبد بها في قول الحسن وغيره من أهل العلم - وهو الصحيح - وقال مجاهد: هي الذبائح.
وقوله " فاذكروا الله " فالذكر هو العلم. وقيل: هو حضور المعنى للنفس بالقول أو غيره مما هو كالعلة، لحضوره بها. وقيل: المراد به هاهنا التكبير أيام منى لانه الذكر الذي يختصه بالترغيب فيه على غيره من الاوقات. وقيل أيضا: إنه سائر الدعاء لله تعالى في ذلك المواطن، لانه أفضل من غيره - وهو الاقوى - لانه أعم.
وقوله: " كذكركم آباءكم " معناه ما روي عن أبي جعفر " ع " أنهم كانوا يجتمعون، يتفاخرون بالاباء، وبمآثرهم، ويبالغون فيه. وقوله " أو أشد ذكرا " إنما شبه الاوجب بما هو دونه في الوجوب، لامرين: أحدهما - أنه خرج على حال لاهل الجاهلية كانت معتادة: أن يذكروا آباءهم بأبلغ الذكر على وجه التفاخر، فقيل: اذكروا الله كالذكر الذي كنتم تذكرون به آباءكم في المبالغة، أو أشد ذكرا