نام کتاب : البيان المفيد في شرح الحلقة الثالثة نویسنده : المنصوري، الشيخ أياد جلد : 1 صفحه : 43
المسائل الأصولية؛ و ذلك لأنها مما اتفق العقلاء عليها فلا تحتاج إلى البحث حتى يبحث عنها في علم الأصول، بل الخلاف بين الأصحاب إنّما يكون في تفصيلات تلك القاعدة لا في أصلها [1].
فتلخّص من كل ما تقدّم: إنّ ضابط المسألة الأصولية- بناءً على ذلك- هو عدم احتياجها إلى قاعدة أصولية أخرى، و أن تكون وحدها كافية لاستنباط الحكم الشرعي منها و بدون ضميمة أُصولية [2].
[1] كأن يُقال بالتفصيل بين المقصود بالإفهام و غيره، و يكون الظهور حجّة في حقّ من قُصد إفهامه دون غيره، أو التفصيل بين ظهور الكتاب و غيره، أو التفصيل بين من حصل له ظن فعلي بالوفاق و بين مَن لم يحصل له ذلك. و سوف يتم التعرض لهذه التفصيلات عند البحث عن حجّية الظهور إن شاء الله تعالى
[2] الفرق بين محاولة السيّد الخوئي و محاولة المحقّق النائيني يمكن تلخيصه في أمرين:
الأول: إنّ المحقّق النائيني جعل مناط أصولية المسألة وقوعها كبرى في قياس الاستنباط، و السيّد الخوئي لم يشترط ذلك، بل جعل المناط عدم احتياجها إلى مسألة أصولية أخرى و إن وقعت صغرى في قياس الاستنباط.
الثاني: إنّه لا يمكن على رأي السيّد الخوئي أن تكون كل من المقدمتين الكبرى و الصغرى أُصولية، بل لا بدّ من عدم أصولية أحدهما. و مما يؤيد ذلك انه قد نقض على نفسه بخروج ظهور صيغة «افعل» في الوجوب لأنها بحاجة دائماً إلى كبرى حجّية الظهور. حيث يُقال إنّ «افعل» ظاهر في الوجوب، و كل ظهور حجّة، فظهور «افعل» في الوجوب حجّة.
و أجاب عنه: بأنّ حجّية الظهور ليست من المسائل الأصولية؛ فلا يخرج ظهور «افعل» في الوجوب و إن كانت بحاجة إلى كبرى حجّية الظهور.
بينما المحقّق النائيني لا يلتزم بذلك، بل من الممكن عنده أن يتألف قياس الاستنباط من مقدمتين أصوليتين: إحداهما تمثل كبرى القياس، و الثانية صغرى فيه.
إن قلت: هذا خلاف ما ذهب إليه المحقق النائيني من كون المسألة الأصولية ما وقعت كبرى في قياس الاستنباط فكيف تصبح أصولية عند وقوعها صغرى؟!
قلنا: إن كان المراد من وقوعها كبرى في قياس الاستنباط وقوعها كذلك و في جميع الحالات و دائماً، بحيث لا تقع صغرى و لو في مورد واحد، فللإشكال وجه حينئذ، فلا بدّ أن لا تكون الصغرى أصولية.
و أمّا إذا كان المراد من وقوعها كبرى في قياس الاستنباط، أن تقع كذلك و لو في مورد واحد و إنْ وقعت صغرى في موارد أخرى، بمعنى أن لا تقع صغرى دائماً و في جميع الأحوال، فلا وجه للإشكال كما هو واضح.
و الاحتمال الثاني هو مراد المحقّق النائيني كما صرّح بذلك في فوائده ج 1، ص 19 بقوله: «إن المسألة الأصولية قد تقع صغرى في قياس الاستنباط و تكون كبراه مسألة أخرى من مسائل علم الأصول، إلّا أنه مع وقوعها صغرى لقياس الاستنباط تقع في مورد آخر كبرى القياس. و هذا بخلاف مسائل سائر العلوم فإنها لا تقع كبرى لقياس الاستنباط أصلًا».
فتلخّص من ذلك إن ضابط المسألة الأصولية عند المحقّق النائيني هو:
1- وقوعها كبرى في قياس الاستنباط و لو في مورد واحد.
2- أن تكون نتيجتها حكماً كلياً دائماً.
و بالأوّل خرجت مسائل سائر العلوم- كعلم اللغة و علم الرجال-؛ لأنها لا تقع إلّا صغرى، و بالثاني خرجت القواعد الفقهية؛ لأنها صالحة لأن يستنتج منها حكم جزئي و إن كانت قد تصلح لاستنباط الحكم الكلّي أيضاً. فمثلًا: قاعدة «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» عند تطبيقها على العقود التي في صحيحها ضمان كعقد البيع و عقد الإجارة، يستنبط منها حكم كلي حيث نقول:
كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده «كبرى».
و عقد البيع مما يضمن بصحيحه «صغرى».
ينتج: أن عقد البيع يضمن بفاسده.t
و من المعلوم أن هذه نتيجة كليّة و لو بلحاظ أفراد عقد البيع خاصّة، فالمتحصل منها حكمٌ كلي و هو عبارة عن وجوب الضمان في البيع الفاسد.
و إذا أريد تطبيقها بحيث تكون نتيجتها حكماً جزئياً كما لو كان عندنا عقد بيع و تبيّن فساده فهنا لاستنباط وجوب الضمان في هذا البيع الفاسد نقول:
كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده «كبرى»
و هذا البيع الفاسد مضمون بصحيحه «صغرى»
ينتج: هذا البيع يجب فيه الضمان.
و هذه النتيجة- و هي وجوب ضمان هذا البيع الفاسد- حكمٌ جزئي كما هو واضح.
إذن، صلاحيّة القاعدة الفقهية المشار إليها و غيرها من القواعد الفقهية الأخرى لأن يستنتج منها حكم جزئي هو الذي أخرجها عن كونها أصولية؛ لأن المسألة الأصولية نتيجتها دائماً حكمٌ كليٌّ.
نام کتاب : البيان المفيد في شرح الحلقة الثالثة نویسنده : المنصوري، الشيخ أياد جلد : 1 صفحه : 43