القطع في موضوعها، حتى تكون سيرتهم هذه على حجّية الأمارة ناظرة إلى القطع الموضوعي أيضاً، تكون تلك السيرة- بالتالي- حاكمة على دليل الحكم الشرعي الذي أخذ القطع في موضوعه. و لكن، من أين لنا أن نثبت انعقاد مثل تلك السيرة العقلائية على ذلك؟ و ذلك لعدم انتشار القطع الموضوعي في حياة العقلاء؛ لأن العقلاء ليست لهم أحكام يؤخذ فيها القطع موضوعاً لكي يستفاد منها انعقاد سيرتهم العملية على إقامة الأمارة مقام القطع في تلك الأحكام. وعليه، فلا تكون السيرة العقلائية القائمة على العمل بالأمارات ناظرة إلى القطع الموضوعي و الطريقي معاً، و إنّما هي ناظرة لخصوص القطع الطريقي فقط [1].

و خلاصة الجواب: إن دعوى حكومة دليل حجية الأمارة على دليل الحكم الشرعي الذي أخذ القطع في موضوعه، تتوقف على إثبات نظره إليه، و لم يحرز نظر أدلة الحجية للأمارات إلى أدلة الأحكام الشرعية التي أخذ القطع في موضوعها، و بدونه لا تتم الحكومة المدّعاة.

وعليه، فلا يمكن الاستفادة من دليل حجية الأمارة في قيامها مقام القطع الموضوعي المأخوذ على وجه الطريقية [2].

الثالث: القطع الموضوعي المأخوذ على وجه الصفتية

و يقصد به القطع الذي يؤخذ في موضوع الحكم الشرعي باعتباره صفة نفسانية

[1] إن قيل: إذا كانت السيرة قائمة على إقامة الأمارة كخبر الثقة مقام القطع الطريقي في المنجّزية و المعذرية باعتبار جعلها علماً، فلما ذا لا نتمسك باطلاق الدليل لقيام الأمارة مقام القطع الطريقي و الموضوعي معاً؟

كان الجواب: إن الدليل على جعل الأمارة علماً، إن كان دليلًا لفظياً أمكن التمسك بإطلاقه لإقامة الأمارة مقام القطع الطريقي و الموضوعي على حد سواء، و لكن، حيث أن الدليل على الحجّية- بحسب الفرض- هو السيرة العقلائية، و ما الأدلة اللفظية إلّا إرشاد لإمضاء تلك السيرة، و حيث أنّ من الواضح أن السيرة من الأدلة اللبيّة الصامتة التي لا إطلاق فيها، فلا بدّ من ملاحظة المقدار الذي انعقدت عليه تلك السيرة، و ليس هو إلّا ترتيب آثار القطع الطريقي بالأمارة

[2] هذا ما اختاره السيد الشهيد في تقريرات بحثه حيث قال: «و قد تلخص من مجموع ما تقدّم، عدم إمكان استفادة قيام الأمارات مقام القطع الموضوعي من نفس دليل الحجّية»، راجع: بحوث في علم الأصول: ج 4، ص 94.