ثبوت الحكم الشرعي، و إنّما هو دخيل في المنجّزية و المعذّرية فقط.

ثانياً: دور القطع الموضوعي و وظيفته‌

و أمّا القطع الموضوعي، فهو- بحكم كونه موضوعاً لحكم شرعي- دخيل في ثبوت الحكم الشرعي الفعلي المترتب عليه، من باب توقف وجود الحكم و فعليته على وجود موضوعه خارجاً، و لا دخل لهُ في التنجيز بما هو قطع موضوعي‌ [1]، لأنّ مرحلة الفعليّة غير مرحلة التنجّز كما هو واضح، و لذلك، قد يكون الحكم فعلياً و لا يكون منجّزاً، و ذلك في ما لو لم يعلم بفعليّة الحكم، إمّا لعدم العلم بالموضوع الخارجي، و إما لعدم العلم بالجعل الشرعي. فمثلًا، لو قال المولى: «إذا قطعت بخمرية مائع فهو حرام»، فإن الحرمة في مثل هذه الحالة لا ثبوت لها بدون القطع بالخمريّة؛ و ذلك لأن القطع بالخمرية قد أخذ في موضوع تلك الحرمة، و هذا القطع- أي القطع بالخمرية- ليس هو المنجّز لتلك الحرمة، بل المنجّز لها هو القطع الطريقي بجعل الشارع للحرمة على مقطوع الخمرية من جهة، و القطع بصغرى ذلك الجعل، أي: القطع بموضوعه من جهة أخرى، فما لم يحصل لديك القطع بأن الشارع قد جعل الحرمة على مقطوع الخمرية، لا تتنجّز عليك الحرمة حتى لو قطعت بأن هذا المائع خمر [2].

فكم فرقٌ، بين أن يقول الشارع: «مقطوع الخمرية حرام»، و بين أن يقول: «الخمر

[1] نعم، باعتبار أنّه يشكّل الموضوع للحكم الشرعي المترتّب على القطع، فهو يساهم في تكوين القطع الطريقي بالحكم الفعلي بضميمة القطع بالجعل، من دون حاجة إلى قطع آخر يتعلق بذلك الموضوع؛ إذ لا معنى لتعلّق القطع بالقطع كما هو واضح، و يتنجّز الحكم المترتّب عليه عندئذٍ بسبب القطع الطريقي الحاصل نتيجة القطع بالكبرى و القطع بالصغرى. فالقطع بالخمرية مثلًا يؤدّي إلى تحقق و ثبوت الحرمة الفعلية و يساهم أيضاً في تكوين القطع الطريقي المتعلّق بالحرمة الفعلية و بالتالي تنجّزها إذا فرض حصول القطع أيضاً بجعل الشارع للحرمة على مقطوع الخمرية

[2] هذا إذا لم نفترض وجود جعل آخر، من قبيل جعل الشارع للحرمة على ذات الخمر، و قد حصل للمكلف قطع بذلك الجعل، فلو قطع المكلّف بجعل من هذا القبيل، و قطع بالخمرية أيضاً، فلا شكّ- حينئذٍ- في تنجّز الحرمة عليه، و لكن مثل هذا القطع يكون من القطع الطريقي و ليس من القطع الموضوعي، كما هو واضح.