ضد معين من أضداده- حيث أن عدم أحد الضدين ليس علّة لوجود الضد الآخر-، فلا يتم التقريب المتقدم فيه.

و بناءً على هذا لا يكون هذا الدليل تاماً في ما نحن فيه‌ [1]؛ حيث إنّ المدلول الالتزامي للأمارة لا دليل على أنه- دائماً- حصّة خاصّة و مساو للمدلول المطابقي.

الوجه الثاني: تقريب السيد الشهيد (قدس سره) للقول بالتبعية:

قوله (قدس سره) ص 76: (الثاني: إنّ الكشفين في الدلالتين ... الخ).

و هذا الوجه يمكن توضيحه من خلال المقدمتين التاليتين:

المقدمة الأولى: تقدم- فيما سبق- أن تمام الملاك في جعل الأمارة حجة هو حيثية الكشف التكويني فيها [2]، حيث أنها تكشف كشفاً ظنياً ناقصاً عن مؤداها، و قلنا- أيضاً-: إن هذه الحيثية، نسبتها إلى المدلول المطابقي و المدلول الالتزامي على حدِّ سواء، فالمقدار الذي تكشف به الأمارة عن مدلولها المطابقي هو نفسه الذي تكشف به عن مدلولها الالتزامي، و لأجل ذلك قلنا- في محلّه- بحجيّة الأمارة في مدلولاتها الالتزامية أيضاً، و هذا يعني: أن الملاك في حجية المدلول المطابقي و المدلول الالتزامي للأمارة شي‌ء واحد، و هو حيثية الكشف الموجودة فيها.

المقدمة الثانية: إن الكشفين في الدلالتين المطابقية و الالتزامية [3]- أي: كشف الأمارة عن مؤداها، و كشفها عن لازم ذلك المؤدى-، قائمان- دائماً- على أساس نكتة واحدة، و هي: استبعاد خطأ الثقة في إدراكه الحسي للواقعة، فإنّ إخبار الثقة عن‌

[1] و ذلك لأنه أخص من المدّعى، بمعنى: أنّه لا يستطيع أن يفسّر لنا تبعيّة الدلالة الالتزامية للدلالة المطابقية مطلقاً و في كل مدلول التزامي، نعم، هذا الوجه مفيد لإثبات التبعية فيما إذا كان المدلول الالتزامي مساوياً للمدلول المطابقي و لم يكن أعم منه.

بل يمكن أن يقال: إنّ هذا خروج عن محل البحث؛ لأنّ البحث عن تبعية الدلالة الالتزامية للدلالة المطابقية أو عدم تبعيتها، إنّما هو في ما إذا فرض احتمال ثبوت المدلول الالتزامي حتى مع عدم ثبوت المدلول المطابقي، و هذا لا يتم إلّا إذا افترضنا أن المدلول الالتزامي من قبيل اللازم الأعم كما هو واضح، فإنه إذا كان مساوياً للمدلول المطابقي، فلا معنى لثبوته مع عدم ثبوت هذا المدلول‌

[2] هذا بيان لقوله: «إن الكشفين في الدلالتين»

[3] هذا بيان لقوله: «... قائمان دائماً على أساس نكتة واحدة ... الخ».