2- مثبتات الأمارات و الأصول العملية

بيان موضوع البحث في المسألة:

يقع الكلام في تحديد المقدار الذي يثبت بدليل الحجيّة المجعولة للامارات و الأصول العمليّة، من حيث إن الدليل إذا كان حجّة، فهل يكون حجّة بمدلوله المطابقي فقط- أي: كونه حجّة في إثبات مؤدّاه لا غير-؟ أو يكون حجّة بمدلوله الالتزامي- أي: اللازم غير الشرعي للمؤدّى- أيضاً؟ كما لو ورد خبر مفاده وجوب صلاة الجمعة في ظهر يوم الجمعة و كان حجّة، فهل يثبت به أيضاً عدم وجوب صلاة الظهر في ذلك اليوم، باعتباره مدلولًا التزامياً لوجوب صلاة الجمعة، لعلمنا بعدم وجوب صلاتين في ظهر يوم واحد؟ أو أنّ دليل حجّية هذا الخبر لا يقتضي أكثر من ثبوت مفاده و مدلوله المطابقي، و هو وجوب صلاة الجمعة؟

و هذا ما يعبّر عنهُ بالبحث عن المثبتات و اللوازم غير الشرعيّة لمؤدى الأمارة، في قبال المثبتات و اللوازم الشرعيّة لمؤدّاها، كما يعبّر عن المثبتات و اللوازم غير الشرعية لمؤدّى الأصل العملي بالأصل المثبت.

فموضوع البحث في المسألة المطروحة- إذن- عبارة عن المثبتات و اللوازم غير الشرعية لمؤدّى الأمارة أو الأصل العملي، و هل يمكن إثبات تلك اللوازم بنفس دليل الأمارة أو الأصل أم لا؟

و بيان محل البحث في المسألة و الوقوف على حقيقة الأمر و تشخيص محل النزاع يتم من خلال النقطتين التاليتين:

الأولى: بيان الفرق بين اللوازم الشرعية و اللوازم غير الشرعية

المقصود باللوازم الشرعية، هو تلك اللوازم التي تثبت لشي‌ء معيّن بواسطة الجعل الشرعي، كالأحكام الشرعية المجعولة على موضوعاتها؛ فإنّ ترتب الحكم لازم لوجود موضوعه، و لو لا جعله من قبل الشارع على ذلك الموضوع لما كان لازماً له،