إحراز الحكم تابع لإحراز موضوعه، و إنَّ موضوع النهي في تلك الآيات هو خصوص الظن الذي لم يعتبره الشارع علماً لا مطلق الظن، فالظن المشكوك الحجّية يعني مشكوك العلميّة، و مع الشك في جعل العلميّة لذلك الظن لا يمكن إحراز دخوله في موضوع النهي الوارد في الآية الكريمة، لأن الموضوع بحسب الفرض هو الظن الذي لم يجعله الشارع علماً، و حينئذٍ لا يمكن التمسك بدليل النهي عن العمل بالظن و غير العلم؛ لأنّ موضوعه غير محرز، و إلّا كان من باب التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، و هو ما لا يجوز كما ثبت ذلك في محلِّه‌ [1].

جواب السيّد الشهيد (قدس سره) على هذا الاعتراض:

قوله (قدس سره) ص 70: «و جواب هذا الاعتراض: أن النهي ... الخ».

و يلاحظ على هذا الاعتراض:

أوّلًا: أنّنا لا نسلّم أن المجعول في باب الامارات هو العلمية و الطريقية لكي يكون المورد من موارد التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، حتى يقال بأن ذلك لا يجوز.

و ثانياً: إن هذا الاعتراض لا يتم حتى على مسلك المحقق نفسه، القائل بجعل العلمية و الطريقيّة في الامارات؛ لأنّ المقام ليس من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية؛ و ذلك لأنّ مشكوك الحجّية من مصاديق العام الذي أخذ موضوعاً للنهي الوارد في تلك الآيات، فيكون مشمولًا لذلك النهي، و هذا يعني عدم حجّية مشكوك الحجّية.

و توضيح ذلك: إن النهي عن العمل بالظن و غير العلم في قوله تعالى: ولا تقفُ ما ليس لك به علم‌، أو قوله تعالى: إن الظن لا يغني من الحق شيئاً، إمّا أن يكون نهياً تحريمياً بحيث يستحق المكلّف العقاب على مخالفته، و إمّا أن يكون نهياً

[1] قال المحقق النائيني (قدس سره) في أجود التقريرات ج 2 ص 87: «أما الأدلة العامة- أي: العمومات الناهية عن العمل بالظن-، ففي جواز التمسك بها لإثبات عدم حجّية أي أمارة غير علمية شك في حجّيتها إشكال، و وجه الإشكال، هو: أن موضوع تلك الأدلة إنّما هو الظنون التي لم يعتبر الشارع لها صفة الحجّية و الوسطية في الإثبات، و أما هي، فخارجة عن موضوعها، فإذا شكّ في اعتبار الحجّية لأمارة خاصة، فيكون التمسك بها لإثبات عدم حجّيتها تمسكاً بالعموم في الشبهة المصداقية، و هو غير جائز».