لدفع الاعتراض الأول و الجواب عنه، لا بدّ من معرفة المراد من الحكم الشرعي الوارد في التعريف، و الذي تقع القاعدة الأصولية في طريق استنباطه فنقول:
تارة يُراد من الحكم الشرعي ما يعم الحكم الشرعي الجزئي المرتبط بآحاد المكلّفين، و الناتج من تطبيق كبرى الجعل الشرعي على صغراه، أي: موضوعه، كما لو علمنا بكبرى: «الخمر حرام»، و علمنا- أيضاً- بأنّ هذا خمر، فينتج: حرمة شرب هذا الخمر؛ من باب تطبيق الكلي على مصاديقه.
و أخرى يُراد بالحكم الشرعي خصوص الحكم الشرعي الكلي الذي يعم جميع المكلفين، أي: الجعل الشرعي، فتكون أصولية المسألة منوطة بوقوعها في طريق استنباط جعل شرعي.
و حينئذٍ: إنْ أُريد من الحكم الشرعي الوارد في التعريف المعنى الأول، كان للاعتراض المذكور وجهٌ؛ لما عرفت سابقاً من أنّ القاعدة الفقهية تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي و إن كان جزئياً.
و إن أريد منه المعنى الثاني، خرجت القواعد الفقهية عن التعريف؛ لأن أصولية المسألة- بناءً على ذلك- هو وقوعها في طريق استنباط الجعل الشرعي خاصّة، لا مطلق ما يقع في طريق الاستنباط حتى لو كان حكماً شرعياً جزئياً ناتجاً عن تطبيق الجعل الشرعي على موضوعه، و القاعدة الفقهية المشار إليها لا تقع في طريق استنباط جعل شرعي؛ لأنها بنفسها جعل كلّي على موضوعه؛ فإنّ الشارع قد جعل حكماً شرعياً و هو وجوب الضمان في العقد الفاسد على موضوع كلّي و هو عبارة عن العقد الذي في صحيحه ضمان- كعقد البيع و الإجارة و غيرهما-، فلا تكون نتيجتها جعلًا شرعياً كلياً، بل تكون نتيجتها من باب تطبيق الكلّي على مصاديقه، أي: تطبيق الجعل
نام کتاب : البيان المفيد في شرح الحلقة الثالثة نویسنده : المنصوري، الشيخ أياد جلد : 1 صفحه : 25