حجّية القطع غير المصيب‌

الغرض من عقد هذا البحث:

إن الغرض من عقد هذا البحث، هو التعرّف على أحكام القطع غير المصيب من المنجزيّة و المعذريّة و غيرهما، و هل إنّ منجزيّة القطع أو معذريته مشروطة بالإصابة؟ أو أنّ القطع حجّة مطلقاً أصاب أو أخطأ؟

و بعبارة أخرى: البحث في ما يسمى بقطع القطاع و هل هو حجة أو لا؟ و كذلك البحث في حكم التجري و هل أن المتجري مستحق للعقاب كالعاصي أو لا؟

و قبل ذلك، لا بدّ من بيان المراد من القطع غير المصيب، و المناط في تقسيم القطع إلى مصيب و غير مصيب.

تقسيم القطع من حيث الإصابة و عدمها:

قوله (قدس سره) ص 59: «هناك معنيان للإصابة ... إلخ».

اعلم إن توصيف القطع بكونه مصيباً أو غير مصيب، يحتاج إلى شي‌ء ثابت يُقاس عليه، حتى يكون بلحاظه مصيباً تارة و غير مصيب تارة أخرى، فإن كان القطع مطابقاً و موافقاً لذلك الشي‌ء الثابت، سمي مصيباً، و إن كان مخالفاً له، سمّي غير مصيب‌ [1]

و القطع تارة يلحظ من جهة مناشئه و أسبابه المؤدّية إليه، و هل هي أسباب موضوعيّة و عقلائية أم لا؟ و أخرى يلحظ من جهة ما تعلّق به القطع- أي المقطوع به- و هل هو ثابت في الواقع أم لا؟

الإصابة في القطع لها معنيان:

و على هذا الأساس، تنقسم الإصابة للقطع بلحاظ ما يُقاس عليه إلى قسمين، أو

[1] كما هو الحال في وصف الخبر بأنّه صادق أو كاذب؛ فأنّ ذلك إنما يكون بالقياس إلى الواقع الخارجي؛ فإن كان مفاد الخبر مطابقاً للواقع الخارجي، كان الخبر صادقاً، و إن كان مخالفاً لذلك الواقع، كان كاذباً.