نام کتاب : البيان المفيد في شرح الحلقة الثالثة نویسنده : المنصوري، الشيخ أياد جلد : 1 صفحه : 159
تعلق به الشك منزلة المتيقن، كما لو افترضنا تعلق الشك بحلية أكل لحم الأرنب- مثلًا-، فالمنزَّل هنا هو نفس مشكوك الحلية، و المنزَّل عليه هو معلوم الحلية من دون أن يتناول التنزيل لنفس الشك، و أما في التنزيل الثاني، فإن المنزَّل هو نفس الشك، و المنزَّل عليه هو العلم، فما كان يقتضيه العلم بالشيء من أثر، يترتب على ذلك الشيء في حالة الشك فيه- أيضاً-، بمقتضى هذا التنزيل [1].
و إن كان إنشاء الوظيفة العملية بلسان تسجيل وظيفة عملية محددة من دون أن يكون هناك أي تنزيل، لا من جانب المؤدى و لا من جانب نفس الأصل، فهو أصل عملي صرف، أو أصل غير تنزيلي، و مثّل لذلك بأصالة الاحتياط و البراءة.
و هكذا، يتضح أن الفرق بين الأحكام الظاهرية المجعولة في باب الأمارات، و بين الأحكام الظاهرية المجعولة في باب الأصول العملية، ينشأ من كيفية صياغة كل منهما في عالم الجعل و الاعتبار، فيكون فرقاً صياغياً لا أكثر.
الثاني: الفرق بينهما بحسب ما يراه السيد الشهيد (قدس سره)
قوله (قدس سره) ص 34: «و لكن التحقيق أن الفرق بينهما ... الخ».
و بعد أن تبيّنت حقيقة ما ذكره المحقق النائيني (قدس سره) في المقام، و أنه مجرّد فرق صياغي، فإن هذا النحو من التفريق بينهما لا يصلح لإثبات الغرض الأساس من وراء ما نرومه من التفريق بينهما، و الذي هو عبارة عن توجيه و تفسير ما ذهب إليه المشهور من القول بأن مثبتات الأمارات حجة دون مثبتات الأصول العملية، مع أنه يمكن القول
بأن الفرق بينهما أعمق من ذلك؛ فإن روح الحكم الظاهري و حقيقته في أحدهما، تختلف عن روحه و حقيقته في الآخر، فهناك فرق جوهري بينهما بقطع النظر عن نوع الصياغة في كل منهما، و ما الاختلاف الصياغي الذي ذكره المحقق (قدس سره)، إلا تعبير عن
[1] و مما يترتب على هذا الفرق في التنزيل، هو تقدّم الأصل التنزيلي بالعناية الثانية- أي: تنزيل الشك منزلة العلم-، على الأصل التنزيلي بالمعنى الأول- أي: تنزيل المشكوك منزلة المتيقن-، عند التعارض بالحكومة؛ لأنه سوف يكون علماً تعبداً فيرفع موضوع الآخر، كما لو تعارض الاستصحاب مع غيره من الأصول العمليّة الأخرى. و إلى هذا المعنى أشار السيّد الشهيد في بحوث في علم الأصول: ج 5 ص 19.
نام کتاب : البيان المفيد في شرح الحلقة الثالثة نویسنده : المنصوري، الشيخ أياد جلد : 1 صفحه : 159