بالرّتبة المنيفة في حياة حافظ العصر و أستاذ الزّمان، حتى شافهني بأنه أنبه طلبتي الآن.
و قال أيضا: حتى كان ينوّه بذكره، و يعرّف بعلى فخره، و يرجّحه على سائر جماعته المنسوبين إلى الحديث و صناعته؛ كما سمعته منه، و أثبتّه بخطّي قبل عنه.
و قد كان السّخاويّ حريصا على تسجيل ثناء أهل عصره عليه، بحيث جمع في ذلك مؤلّفا مستقلا سمّاه: «من أثنى عليه من العلماء و الأقران» و عقد فصلا طويلا في ترجمته من «الضوء اللامع» لمن أثنى عليه.
ما وقع بين السخاوي و عصريّه الحافظ السيوطي:
وقع بين السّخاويّ و عصريّه السّيوطيّ ما يقع عادة بين الأقران؛ حتّى ألّف كلّ منهما رسائل في الردّ على الآخر [1]، و اللّه يعفو عنهما. و الأصل أن كلام الأقران يطوى و لا يذكر، و لا يقبل قول كلّ واحد منهما في الآخر.
قال الحافظ الذهبي في «الميزان» 1/ 111 في ترجمة أبي نعيم الأصبهاني:
«كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به، لا سيّما إذا لاح لك أنه لعداوة، أو لمذهب، أو لحسد؛ ما ينجو منه إلا من عصم اللّه، و ما علمت أنّ عصرا من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء، و الصديقين، و لو شئت لسردت من
[1] ألّف السّيوطيّ في ذلك رسائل منها: «الكاوي في تاريخ السّخاوي» و «القول المجمل في الردّ على المهمل». و ألّف السخاوي رسائل منها: «انتقاد مدعي الاجتهاد» و «الاعتبار و الموعظة لزاعم رؤية النبي (صلى اللّه عليه و سلم) في اليقظة». و استمر هذا حتى بعد وفاة السّخاوي، حيث ألّف تلميذه أحمد بن الحسين المكي رسالتين في الردّ على السّيوطي و هما: «الشهاب الهاوي على قلال الكاوي» و «المنتقد اللّوذعي على المجتهد المدعي» و اللّه المستعان. انظر «الضوء اللامع» 4/ 65- 70، و «التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة» 1/ 177- 178 كلاهما للسخاوي، و «نظم العقيان في أعيان الأعيان» للسيوطي صفحة (152).