responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر    جلد : 4  صفحه : 232

و رمي الكعبة و الاستهانة بحرمة الحرم، كما شاهد موقف عمّه زيد و نهايته المفجعة التي انتهت إليها ثورته.

لقد جرّب الإمام الصادق شراسة السلطة و عنفها و اضطهاد الأمة و الاستهانة بحقوقها و عدم المبالاة بالدماء، فسلك طريقا لمحاربتها و الوقوف بوجهها يحول بين الحكام و بين ما يعملون من أجله في سياستهم و سلوكهم.

أكد الإمام على نشر الوعي، و حثّ الأمة على التسلح بسلاح العقيدة، فكان رائدا صادقا، و دليلا خبيرا في مجال العمل و حفظ التراث الإسلامي في عصر تطور الحركة الفكرية، و التحولات السياسية الحديثة، و أن المكانة الحيوية التي يتبوؤها بمزاياه العالية و غزارة علمه، قد جعل الكثير من الناس يتوقعون منه أن يسهم في المعترك السياسي الذي اشتد في عصره و الذي تمخض عن ثورات متتالية.

و ظنوا أنه سيشارك في أحداث ذلك المعترك، و تعدى موقف الكثيرين من الصمت إلى المصارحة، فحرّضوه على الثورة و البدء بالانتفاضة، ظنا منهم بأن الزمن قد حان لقيام حكومة عادلة و دولة تسير وفق نظام الإسلام و قوانينه، بعد أن تجرّدت الدولة الأموية من كل المقومات الروحية، فعبثت بمقدرات الأمة، و هتكت مقدّسات الإسلام و حرماته، و لا يزال يوم الحسين ماثلا لا يمحى أثره، و صرخته مدوّية على مرّ الزمن، و وقعة يوم الحرّة لا زالت شاخصة أمام الأعين، و حوادثه تحدث عاصفة غضب و هزّة استنكار، و لا تخلو جدران المدينة و لا الحرم الشريف من قطرات الدماء الزكية.

و لكن الإمام الصادق لم يمل إلى جانب من استماله، فهو لم يخدع بالآمال البرّاقة، و لقد عرف نزعات الناس و ميولهم، و طبيعة الموقف الذي يتخذونه، و الغايات التي من أجلها كان تحريضه، و قد زودته تجربته الكبرى و علمه بما وراء الحوادث بالقدرة على تمييز بواعث تلك التحركات، و معرفة مقتضيات الحال، و التي كان يجهلها الكثيرون ممن راحت تضطرب نفوسهم بمشاعر صادقة تتأثر بالأحداث و تنفعل.

فكانت نظرته جوهرية مبنية على استيعاب تام لدور الدين في الحياة، و مقدار تأثر تلك الجموع به و خضوعهم له.

و قد شخّص خطورة الموقف، و عرف غايات الدعوة و أهداف القادة، فكان رفضه لطلباتهم من أهم ما يحتّمه عليه واجب الدعوة لمصالح الأمة.

نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر    جلد : 4  صفحه : 232
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست