نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 1 صفحه : 559
على الأمة أبواب الجور، و أطلق عليهم عقال الفتنة و خالف بأعماله أقواله حتى انتشر الجور في عهده، و قد أسرف في إراقة الدماء حتى قال له عمه عبد الصمد:
لقد لججت في العقوبة حتى كأنك لم تسمع بالعفو. فقال المنصور: لأن بني مروان لم تبل رممهم، و آل أبي طالب لم تغمد سيوفهم، و نحن بين قوم قد رأونا بالأمس سوقة فكيف تتمهد هيبتنا في صدورهم إلا بنسيان العفو.
فهو يحاول تركيز دعائم ملكه بتلك القسوة الهائلة من جهة، و بالتظاهر بالتدين من جهة أخرى، ليدفع عن نفسه خطر المؤاخذات، و قد كثرت عليه لإسرافه في القتل و سوء معاملته لأهل البيت حتى قال أكثر الناس: ما على هذا بايعنا آل محمد أن نسفك الدماء التي حرمها اللّه.
و أنكر جماعة من القواد سياسة المنصور و قسوته فأظهروا الدعوة لآل علي (عليه السلام) فحاربهم عبد الجبار بن عبد الرحمن الأزدي عامل خراسان سنة 140 ه- فقتلهم و حبس منهم آخرين [1] و عظم الأمر على الأمة و سار العمال في العسف و الجور كما كان في العهد الأموي.
و قال عمرو بن عبيد للمنصور: «إنه ما عمل وراء بابك بشيء من كتاب اللّه و لا سنة نبيه. قال المنصور: فما أصنع؟ قد قلت لك: خاتمي بيدك فتعال و أصحابك فاكفني، قال عمرو: ادعنا بعدلك تسخ أنفسنا بعونك، إن ببابك ألف مظلمة اردد منها شيئا نعلم أنك صادق» [2].
و على أي حال فإن الإمام مالك قد عاصر من خلفاء العباسيين: السفاح و المنصور، و المهدي، و موسى الهادي، و هرون الرشيد. و قد طلع نجمه في عهد المنصور، و كان ذلك العصر الذي عاش فيه مالك هو من أزهر العصور، و لكن لم يجد الناس فيه ما كانوا يأملونه من الأمن و الاستقرار و العدل و المساواة، بل كانت هناك أثرة و استبداد و تحكم في مقدرات الأمة و كبت للحريات.
الخراج في عهد مالك:
أما مسألة الخراج التي عظم أمرها في العهد الأموي، و انتقد العباسيون سياسة