نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 1 صفحه : 503
و نحن بين قوم قد رأونا أمس سوقة، و اليوم خلفاء، فليس تتمهد هيبتنا في صدورهم إلا بنسيان العفو و استعمال العقوبة [1].
و وقفت في طريقه- يوم دخل المدينة- ابنة صغيرة لعبد اللّه بن الحسن و هي تستعطفه و تطلب منه الرحمة و الإشفاق، عند ما يقع نظره عليها و هي بتلك الحالة و تخاطبه برقة و استعطاف:
ارحم كبيرا سنه متهدم* * * في السجن بين سلاسل و قيود
إن جدت بالرحم القريبة بيننا* * * ما جدكم من جدنا ببعيد
و كانت تأمل إطلاق أسيرها رحمة بحالها، و لكن المنصور عند ما سمع صوتها قال: أذكرتنيه ثم أمر به فأحدر بالمطبق و ضيق عليه سجنه و كان السجن خاتمة مطاف ذلك الأسير و نهاية حياته.
و رغم هذه الأعمال و ما اتضح للناس من سوء السيرة و الإجحاف بحقوق الرعية، فقد كان يحاول أن يصبغ الدولة بصبغة دينية، و أنه الوارث الشرعي لهذا الحق، و هو القائم بالعدل.
كان المنصور يطارد العلماء الذين يأمرونه بالمعروف و ينكرون أعماله، و يقرب آخرين ممن خضع لغير الحق.
و كان يريق دماء أبناء رسول اللّه و يملأ السجون منهم، بينما نراه يحتفظ بحصيرة بالية قد مرت عليها السنون، يدعي بأنها كانت لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم)، فيتبرك بها أمام الناس، و جعل لها موضعا خاصا، و خادما يحتفظ بها يحملها أوقات الصلاة أمام الناس ليظهر لهم أنه محافظ على آثار النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) تمويها و خداعا.
و كان يطلب من الزهاد و الوعاظ أن يعظوه بمجلسه، فيرق عند سماع الوعظ و يبكي، و لكنه بدون اتعاظ، و تجري دموعه و لكن بدون خشوع و إنما هو من باب:
كف تذبح و أخرى تسبح، إلى غير ذلك من الأمور التي كان يفعلها إغراء للناس ليغطي أعماله التي ارتكبها.
و سار على ذلك أحفاده و وضعت في دولتهم بشائر عن النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) ليكون لهم في