نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 1 صفحه : 390
و لنا في تعاليم الإمام الصادق و حكمياته- التي كان يلقيها على تلك المجموعة الوافرة من الناس في مدرسته- كفاية على إيضاح فوائد الحب في اللّه و مضار الكراهة، فكان ينصح المسلمين و يحذرهم عاقبة التباعد و البغضاء، و لم يقتصر على القول في هدم عوامل الفرقة، بل كان يسعى لذلك من طرق مختلفة، حتى أنه أقام بعض أصحابه و أمرهم أن يصلحوا المتخاصمين على شيء من حطام الدنيا من ماله الخاص.
يحدثنا أبو حنيفة سابق الحاج- و اسمه سعيد بن بيان- قال: مر بنا المفضل بن عمر و أنا و ختن لي نتشاجر في ميراث، فوقف علينا ساعة، ثم قال لنا: تعالوا إلى المنزل، فأتيناه، فأصلح بيننا بأربعمائة درهم، فدفعها إلينا من عنده حتى إذا استوثق كل واحد منا من صاحبه، قال: أما إنها ليست من مالي، و لكن أبا عبد اللّه الصادق أمرني إذا تنازع رجلان من أصحابنا في شيء أن أصلح بينهما و افتديهما من ماله، فهذا مال أبي عبد اللّه [1].
سياسته تجاه الظلم و الظالمين:
لقد تسالمت العقول و اتفقت آراء العقلاء على قبح الظلم، فهو من أعظم الرذائل، كما أنهم لم يجمعوا على تقدير فضيلة كإجماعهم على تقدير فضيلة العدل الذي هو أصل كل خير، و القلب النابض لجميع الفضائل، و لا يخرج شيء من الفضائل عنه. فهو أسمى هدف يسعى الإسلام لتحقيقه، و يأبى أن تهدمه رذيلة حب السلطة و التغلب.
و كان الإمام الصادق (عليه السلام) ينهى عن الظلم و يحارب الظالمين، و يأمر بالابتعاد عنهم و عدم التعاون معهم، و أقواله في ذلك كثيرة، فأصبحت نورا تهتدي به النفوس، و يتردد ذكرها على ألسنة العلماء من أقدم العصور، و جاء ذكرها في أمهات الكتب، فهي نور ساطع في أفق العقلية البشرية، و قد سن قواعد مشروعة لمقاومة الظالمين، و هي خير وسيلة لتقويض كيان الظلم و محو دعائمه.
و كان أهل البيت يعظمون على الإنسان ارتكاب العدوان على الغير و الظلم للناس، فقد جاء عن إمام أهل العدل أمير المؤمنين (عليه السلام): «و اللّه لئن أبيت على