نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 1 صفحه : 359
فكتب له و رجع العلاء إلى عمر بن عبد العزيز، فكتب إلى عامله بالكوفة: إن بلالا غرّنا باللّه، فسبكناه فوجدناه خبثا كله و السلام [1].
فنرى بلالا يبذل عشرين ألف ألف للحصول على إمرة العراق، فلا بد أن يتعوض بأضعافها في أقل من سنة، كما تقتضيه سيرة الولاة و جشع الجباة في ذلك الدور.
سيرة الجباة:
و كانت جباية العراق قد أسندت إلى الدهاقين- رؤساء القبائل- فساروا فيهم سيرة غير مرضية.
و في خراسان كانت الضرائب توزع على رءوس الأهلين لا على مساحة الأرض، إذ لو فرض على مساحة الأرض، لوقع أكثره على الدهاقين.
و قد فرض الأمويون الضريبة على من أسلم، و كان ذلك سببا في تأخر خطى انتشار الإسلام، لأن الضريبة تؤخذ من غير المسلم، و هي الجزية و الخراج، و عند إسلام الذمي يعفى من الاثنين. فلما دخل كثير من الذميين في الإسلام عن عقيدة، أو عن رغبة في الخلاص من الضرائب، عرف النقص في ميزانية الدولة، ففرض الأمويون الجزية و الخراج على من أسلم، فوقف انتشار الإسلام، لمعارضته لمصالح الدولة المادية و قد لمس أهل الكتاب و الملل و الديانات روح التسامح فمن تحركت في نفسه دوافع الإيمان الحق وجد في الأحكام الإسلامية روحا جديدة و في الشريعة المحمدية توحيدا حقا، و من راح يتقي دفع الحق المالي الذي ترتب على الفتح الإسلامي فصار إلى طريقة إشهار الإسلام و لكنه بمرور الوقت يجد أن ما اتخذه ستارا ينفذ إلى الأعماق بنوره و يرى في سلوك المخلصين و أفعال جنود الدعوة حوافز على الإيمان الحق.
ثم انقلب المسئولون في الحكم إلى جباة و كاد سلوك الدعاة الأول ينحصر في مجالات ضيقة لأن الملوك أقبلوا على الدنيا بكل وجوهها و لم يكن لهم من الإسلام إلا الاسم. و من الدواهي أن يتابعهم على ذلك الذين اتخذوا الدين زيا و بنيت مكانتهم في المجتمع على أساس صلتهم بالدين و تفرغهم لأمور الشريعة. و لم يكن إسقاط