نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 1 صفحه : 354
و هنا لا بد لنا أن نتساءل: هل ان الإمام الصادق (عليه السلام) كان بمعزل عن ذلك المعترك السياسي؟ و انه لم يشارك في ذلك النشاط الذي كانت دعامته هو الدعوة لآل محمد؟ و أنه دعى عبد اللّه بن الحسن ليمد يده فيبايعه لأنه أكبر سنا من ولده محمد ذي النفس الزكية يوم اجتمع الهاشميون في الأبواء للمداولة في الأمر، و مبايعة رجل من آل البيت تناط به مسئولية الدعوة كما ذكره ذلك بعض الكتّاب بدون سند.
و الإجابة على هذه الأسئلة تحصل عند ما ندرس عوامل الثورة، و نعرف نفسيات الثوار و نزعاتهم، و اختلاف مشاربهم و آرائهم.
و يتضح لنا ذلك عند ما نقف على الخطة التي اختطها الإمام لنفسه في ذلك الجو الهائج بالفتن، و المائج بالأهواء، إذ لم يستجب لدعوة زعماء الثورة لبيعته، لأنه لا يعدهم من رجاله و لا الزمان زمانه، و لم يغامر في نفسه و أهل بيته مغامرة عقيمة الإنتاج، تعود على المجتمع بأخطار جسيمة، و على أهل بيته بسوء العاقبة، لأنه يعلم النتائج و ما يؤول إليه الأمر و ينظر إلى الحوادث عن كتب، نظر الحكيم البصير، و السياسي الخبير بعواقب الأمور، و كثيرا ما أعلن حقائق تلك الأوضاع و كشف نوايا أولئك القادة و ما يهدفون إليه من وراء الدعوة لآل محمد (صلّى اللّه عليه و آله و سلم).
كما أنه نهى أبناء عمه عن التسرع في الأمر و عدم القيام بأي نشاط ثوري إلى أن يأتي الوقت المناسب لأن القيام بشيء قبل أن يستحكم و يستكمل أمره مفسدة له.
و سنتحدث في هذا الجزء و غيره- إن شاء اللّه- عن خطته الحكيمة و أساليب دعوته القوية، و منهجه السياسي الرصين بصفته إمام عصره و زعيم أهل بيته، بعد أن نستعرض بعضا من مشاكل عصره و أسباب قيام الثورة التي أطاحت بالحكم الأموي.
عصره و مشاكله:
يمتد عصر الإمام الصادق من آخر خلافة عبد الملك بن مروان إلى وسط خلافة المنصور الدوانيقي، أي من سنة 83 ه- إلى سنة 148 ه- فقد أدرك طرفا كبيرا من العصر الأموي، و عاصر كثيرا من ملوكهم، و شاهد من حكمهم أعنف أشكاله، و قضى حياته الأولى حتى الحادية عشرة من عمره مع جده زين العابدين، و حتى الثانية و الثلاثين مع أبيه الباقر، و نشأ في ظلهما يتغذى تعاليمه، و تنمو مواهبه، و تربى تربيته الدينية، و تخرّج من تلك المدرسة الجامعة، فاختص بعد وفاة أبيه بالزعامة سنة 114 ه-
نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 1 صفحه : 354