نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 1 صفحه : 35
و يهدم الدور و يقطع الأيدي و الأرجل، فكان ذلك الدور من أهم أدوار الإرهاب و الانقلاب على مفاهيم العدل الإسلامي و إحياء لدور الجاهلية في قتل أهل التوحيد.
و الذين على شاكلة معاوية أخلصوا له و قاموا بما يحب فأعلنوا شتم علي و البراءة منه. فكان المرتزقة يتقربون إليه بذلك، و علماء السوء يوازرونه في نشر الحكايات المفتعلة حتى أدت الحالة في الشام بأن تختم مجالس الوعظ بشتم علي (عليه السلام) [1].
و بعد ذلك فكر معاوية أن هذا العمل الذي يقوم به لا يثمر كثير فائدة لأنه عمل إرهابي و سرعان ما يتبدل الوضع، فضم لهذا العمل شيئا آخر من تقريب خصوم علي و المتظاهرين بعدائه و المعروفين بشيعة عثمان و إغداق العطاء عليهم و منحهم الصلات الجزيلة، و رعايتهم و العناية بهم و تسجيل أسمائهم و أسماء عشائرهم، ليكونوا في محل الاعتبار، و رفع أسماءهم للبلاط الأموي ليشملهم بعطفه و يرعاهم بلطفه، فما أكثر المتقربين إليه خوفا من شفرة السيف و ظلمة السجن، و ضيق اللحد و عناء المطاردة و التبعيد. و قد تلقى شيعة علي (عليه السلام) كل ذلك بصبر و ثبات، و تحملوا ظلم معاوية و جوره، و لم يتحولوا عن عقيدتهم أو تزل بهم قدم خوف الإرهاب و الفتك.
ثم فكر معاوية بشيء يستطيع به إنجاح خططه عند ما يستعمل أولئك الدجالين و ذوي الضمائر الرخيصة لوضع الأحاديث على لسان صاحب الرسالة بما تشاء نفسه و تتطلبه مصلحة ملكه، بدون التفات إلى مؤاخذة و عدم مبالاة بجريمة الكذب على اللّه و على رسوله، و لم تقف أمامه حواجز عند ارتكاب جرائم قتل المسلمين على الظنة و التهمة، و سلب الأموال، و هتك الأعراض، و سبي النساء، و هدم الدور، و إلقاء الجثث في الطرقات، و القتل في المساجد و أخذ البريء بالسقيم، إلى غيرها من جرائم يتصدع لها قلب المسلم و تكاد نفسه تذهب حسرات.
و ها نحن نتخطى عهد معاوية و لا نقف موقف المدقق الذي يريد حصرها فليس من غرضنا ذلك، و قد كفانا رجال التحقيق من علماء الأمة، و التاريخ الصحيح بيان ذلك إذ ليس لنا من الوقت ما يتسع لنشر تلك الصحائف السود و ذكر تلك الفضائع المؤلمة.