نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 1 صفحه : 323
العرب، و قد كان الأمويون يتعصبون لأنصارهم و عشيرتهم و يحتقرون الموالي مهما كانت ميزاتهم و كفاءتهم، و تابعهم بعض المتعصبين من العرب و نهجوا هذا المنهج، خلافا لما شرعه اللّه و سار عليه الرسول الأعظم فكانوا يضعون من قيمة الموالي و يحتقرونهم.
يقول الأصفهاني: كانت العرب إلى أن جاءت الدولة العباسية، إذا أقبل العربي من السوق و معه شيء فرأى مولى دفعه إليه ليحمله عنه فلا يمتنع.
و تزوج رجل من الموالي بنتا من أعراب بني سليم، فركب محمد بن بشير الخارجي إلى المدينة، و واليها يومئذ إبراهيم بن هشام بن إسماعيل، فشكا إليه فأرسل الوالي إلى المولى ففرق بينه و بين زوجته، و ضربه مائتي سوط، و حلق رأسه، و حاجبه و لحيته، فقال محمد بن بشير:
قضيت بسنة و حكمت عدلا* * * و لم ترث الحكومة من بعيد
و قد نفذ الأمويون هذه السياسة بشدة، و غذوا هذه النزعة بأعمالهم التي عاملوا بها الموالي، و قد شرعها لهم معاوية بن أبي سفيان، لأنه عرف عدل الإمام علي بن أبي طالب و مساواته في الرعية، الأمر الذي أدى إلى تقاعد من تحكمت به هذه النزعة الشريرة عن نصرته، فأراد معاوية استمالتهم و تحويلهم إليه.
روى المدائني أن طائفة من أصحاب علي (عليه السلام) مشوا إليه فقالوا: يا أمير المؤمنين أعط هذه الأموال، و فضل هؤلاء الأشراف من العرب و قريش على الموالي و العجم، و استمل من تخاف خلافه من الناس- و إنما قالوا له ذلك لما كان معاوية يصنع في المال- فقال لهم: أ تأمرونني أن أطلب النصر بالجور؟! [1].
و حوادث التاريخ مملوءة بالشواهد على ذلك من الأمور التي بعثت المفكرين من الموالي إلى الحقد على العرب.
اتجاهه العلمي:
و بين هذه الأمور و في ذلك العصر كانت نشأة أبي حنيفة، و هو من أولئك القوم الذين نالهم الأذى في تلك المدة، و كان يشعر بما يشعر به أبناء جنسه، و يعظم عليه