نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 1 صفحه : 293
و الحاصل أنه لا خلاف عند المسلمين بوقوع الطلاق الثلاث واحدة، في عهد النبي و أبي بكر و شطرا من إمارة عمر، و بعد ذلك ألزم عمر الناس بوقوع مثل هذا الطلاق اجتهادا منه، و عند هذه النقطة تفترق الشيعة عن السنة، فالشيعة يأخذون بقول النبي و يتبعون ما شرعه و لا يلتزمون بتنفيذ اجتهاد عمر و ترك تلك النصوص الدينية المقدسة من الكتاب و السنة، فقد دعته مصلحة رآها و لكن المصلحة عندنا هي اتباع الرسول امتثالا لقوله تعالى: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر: 7].
يقول الأستاذ الغزالي: و جمهور الفقهاء الأقدمين جعلوه بدعيا و يقع الطلاق به و هم في هذا يتبعون اجتهاد عمر رضي اللّه عنه إلى أن يقول: و بدلا من أن يلتزموا منهج السنة آثروا البدعة المحرمة، و نطقوا بالطلقات الثلاث دفعة واحدة، و كان ذلك إذا حدث في عهد النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) غضب منه أشد الغضب و لم يجعله إلا واحدة [1].
المسح على الرجلين:
المسح على الرجلين مشروع على عهد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) كما رواه الجمهور عن معلى بن عطاء عن أبيه عن إدريس بن أبي أويس الثقفي: أنه رأى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) توضأ و مسح على قدميه. و أخرج مسلم في صحيحه عن عبد اللّه بن عمر أنه قال: تخلف عنا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) فأدركنا و قد حضرت الصلاة، فجعلنا نمسح على أرجلنا فنادى: «ويل للأعقاب من النار».
قال القرطبي: و هذا الأثر و إن كانت العادة قد جرت بالاحتجاج به في منع المسح فهو أدل على جوازه منه في منعه، لأن الوعيد إنما تعلق فيه بترك التعميم لا بنوع الطهارة بل سكت عن نوعها، و ذلك دليل على جوازه و وجوب المسح هو أيضا مروي عن بعض الصحابة و التابعين.
و الغرض أن أهل السنة اختلفوا في فرض الرجلين، فقال قوم: فرضهما المسح.
و قال آخرون: فرضهما الغسل و ذهب بعضهم إلى التخيير بين المسح و الغسل، كما هو مذهب ابن جرير و داود الظاهري و غيرهما.