نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 1 صفحه : 175
و هذه الكلمة لها مكانتها في نظر الاعتبار، فالمنصور حينما يعلن بأن مالكا أعلم الناس، و يلزمه بوضع كتاب تصادق عليه الدولة فيكون نظامها المتبع و تطلب الالتحاق بقافلة الدين- و ما أبعدها عن ذلك- فمن يستطيع أن يتخلف عن الاعتراف بمنزلة مالك و أنه أعلم الأمة؟
و الرشيد يأمر عامله على المدينة بأن لا يقطع أمرا دون مالك، و كان الرشيد يجلس على الأرض أمامه لاستماع حديثه.
كيف لا يكون لمالك ظهور و سمعة و منادي السلطان يهتف أيام الحج: أن لا يفتي إلا مالك. فأصبحت له مكانة في المجتمع و هيبة في النفوس، و تقرب الناس إليه بشتى الوسائل، و التفوا حوله، و تزاحموا على مجلسه الذي عين له وقتا خاصا في يوم معين يزدحم الناس فيه لاستماع الحديث، و أخذ الفتيا، و له كاتب بين يديه يقرأ للناس و ليس لأحد أن يدنو منه و لا ينظر في كتابه و لا يستفهمه في شيء، و بذلك لا يستطيع أحد مناقشته، و كان على رأسه سودان يأتمرون بأمره.
قال إسماعيل الفزاري: دخلت على مالك و سألته أن يحدثني فحدثني اثنى عشر حديثا ثم أمسك، فقلت: زدني أكرمك اللّه و كان له سودان قيام على رأسه فأشار إليهم فأخرجوني من داره [1].
و لا ريب أن هذه المعاملة من مالك تبعثنا على التساؤل من أسباب امتناع مالك و بخله على الناس بما ينفعهم من أحاديث نبوية و إرشادات تربوية؟ و هذا الوضع منه لا شك أنه مستغرب لأن السنة الشريفة أمرت بنشر العلم و توعدت من يكتمونه.
و يحدثنا أبو بكر بن عبد اللّه الصنعاني قال: أتينا مالك بن أنس فحدثنا عن ربيعة الرأي فكنا نستزيده فقال لنا ذات يوم: ما تصنعون بربيعة و هو نائم في ذاك الطاق؟ فأتينا ربيعة فقلنا: كيف يحظى بك مالك و لم تحظ أنت بنفسك؟ فقال: أ ما علمتم أن مثقالا من دولة خير من حمل علم [2].
و لا بد من التنويه برضا مالك بما أقبل عليه السلاطين و ترك أيديهم تلعب