نام کتاب : الأصول في علم الأصول نویسنده : الإيرواني، الشيخ علي جلد : 1 صفحه : 55
لم يوجب ذلك الغرض أن يأمر المولى بذات العمل الخالي عن قيد داعي الأمر، كما تقدّم أنّه لا يوجب أن يأمر مع هذا القيد أيضا.
و بالجملة: إن كان الأمر بذات العمل صوريّا لم يحدث داعيا في نفس المكلّف فلا يحصل الغرض، و إن كان جدّيّا لم يتوقّف حصول الغرض على قصد الأمر، و على كلّ تقدير لا يتوصّل إلى مقصده بذلك.
[التكاليف الشرعيّة كلّها تعبّديّة]
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّه لا موضوع لهذا البحث بناء على المختار في التكاليف الشرعيّة؛ فإنّ الحقّ عندنا أنّ التكاليف الشرعيّة كلّها تعبّديّة و لا يعقل التوصّليّة فيها؛ قال اللّه تعالى: وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ[1].
نعم، يتصوّر ذلك في الأوامر العرفيّة.
و عليه فلا يتصوّر الشكّ في التعبّديّة و التوصّليّة حتّى يبحث فيما هو قضيّة الأدلّة الاجتهاديّة و ظاهر الخطاب، و فيما هو مقتضى الأصول العمليّة.
توضيح ذلك: أنّ الإرادة لا تخلو إمّا أن تتعلّق بفعل نفس الشخص أو بفعل غيره؛ و التي كانت متعلّقة بفعل غيره إمّا أن تتعلّق بفعله المطلق أو بفعله الخاصّ أعني فعله الاختياري، و التي كانت متعلّقة بفعله الاختياري إمّا أن تكون متعلّقة بمطلق فعله الاختياري أو بفعل اختياري خاصّ خصوصيّته هو كونه حاصلا من طريق خاصّ و سبب مخصوص.
و في كلّ هذه الصور لا بدّ للمريد- في الوصول إلى مقصده و في مقام تنفيذ إرادته- من ترتيب ما نتيجته هو حصول مراده على سعة إرادته، لا تزيد نتيجة ما رتّبه على إرادته سعة و ضيقا إلّا أن يصدّه العجز، فيرتّب حينئذ من المقدّمات ما يتمكّن منها و يترك ما لا يتمكّن.
و كان هذا الشرط في مقام العمل كمن إرادته إرادة خاصّة لا تقتضي أزيد ممّا رتّبه من المقدّمات. نعم، هذا لعجزه عن ترتيب غيره و ذاك لقصور في مقتضيه.
ثمّ إنّ من جزئيّات إرادة فعل غيره هو باب التكاليف؛ فإنّ التكليف إرادة خاصّة متعلّقة بفعل غيره خصوصيّتها كون ذلك الفعل اختياريّا لا ما يعمّ الاختيار و الاضطرار، و أيضا يكون منشأ اختياره طلب المولى لا أيّ شيء كان- و من أيّ منشأ تولّدت الإرادة