نام کتاب : الأصول في علم الأصول نویسنده : الإيرواني، الشيخ علي جلد : 1 صفحه : 49
و المولى إنّما يسلك هذا المسلك في طريق البعث إلى المستحبّات و لا يأمر؛ لما يرى أنّ في الأمر العقل يكره المكلّف نحو العمل، و إكراه غيره قبيح ما لم ترفع مفسدة قبحه مصلحة راجحة في الفعل، و ليس في المستحبّات تلك المصلحة الرافعة لقبح الإكراه نحو الفعل، فلا جرم يسلك النمط الأوسط بالبعث نحو الفعل بجعل الثواب، فإن أوجب ذلك حركة المكلّف نحو العمل فذاك، و إلّا فلا مصلحة قاضية بإكراهه و إجباره بأمره بالفعل أو وعيده بالعقاب.
ثمّ الوعد بالأجر و الثواب في موضوع المستحبّات تارة يكون بعبارة الجملة الخبريّة و هو الغالب، و أخرى بعبارة الجملة الطلبيّة إرشادا و تنبيها على تحقّق مناط حكم العقل بإتيان الفعل و حسنه، و هو جلب النفع؛ و في ذلك دلالة بالالتزام على تحقّق الالتزام بإعطاء الأجر و الثواب. و هذا شائع في أمر العمّال و الأجراء؛ فإنّ في أمرهم إشارة إلى الالتزام بدفع الأجر.
و اعلم أنّ الوعد بالأجر كما هو موجود في المستحبّات ساذجا كذلك هو موجود في الواجبات منضمّا إلى الأمر بالفعل و إلى الوعيد بالعقاب، فهناك يتوصّل المولى إلى مقصده بمقدّمات ثلاث، و رتّب مقدّمات ثلاث: نفس الطلب، و الوعد بالثواب، و الوعيد بالعقاب.
فبعض يكفيه المقدّمة الأولى في الانبعاث و الحركة نحو الفعل، و بعض لا ينبعث إلّا بالأجر و طلب الثواب، و ثالث لا يحرّكه سوى الخوف من العقاب.
و قد أشير إلى الأقسام الثلاثة في الأحاديث [1] و عبّر عن الأوّل بعبادة الأحرار و عن الثاني بعبادة الأجراء و عن الثالث بعبادة العبيد، و هي متدرّجة في الفضل على الترتيب الذي ذكرناه. و الكلّ عندنا صحيحة بلا احتياج القسمين الأخيرين إلى توسيط داعي الأمر، و يكون طلب الأجر أو الفرار من العقاب داعيا على الداعي، بل العبادة المأتي بها بداعي الفرار من العقاب- فضلا عن المأتي بها طلبا للثواب- صحيحة في عرض العبادة المأتي بها بداعي الأمر، و إن كانتا أقلّ منها فضلا.
و لا فرق في الثواب بين الدنيوي منه و الاخروي، فالعبادة المأتي بها لأجل أداء الدين،
[1]. راجع وسائل الشيعة 1: 62، أبواب مقدّمة العبادات، ب 9، ح 1 و 2.
نام کتاب : الأصول في علم الأصول نویسنده : الإيرواني، الشيخ علي جلد : 1 صفحه : 49