نام کتاب : الأصول في علم الأصول نویسنده : الإيرواني، الشيخ علي جلد : 1 صفحه : 48
الوجوب بحكم العقل
واعظك و قائدك نفسك و باطن نفسك؛ و لا سبيل لغيرك في التوصّل إلى فعلك الاختياري إلّا بوسيلة نفسك و تهيئة مقدّمات و ترتيب أمور توجب بعث نفسك للعضلات و تحريكها لها نحو المراد، و من تلك المقدّمات بعث المولى نحو فعل من الأفعال؛ فإنّ في هذا الموضوع يحكم عقلك بالامتثال و يحرّكك و يبعثك نحو الإطاعة و إنفاذ مراد المولى.
فصحّ أن نقول: إنّ كلّ إيجاب و إلزام فهو من العقل و بحكم من العقل، فكلّ إلزام عقلي، و ليس شيء من الإلزام يكون منم المولى؛ و إن أسند إلى المولى و قسّم الإيجاب إلى عقلي و شرعي فذلك باعتبار المقدّمة البعيدة التي رتّبها الشارع، فأوجب إلزام العقل و حكمه بالحركة نحو الفعل، و بهذا الاعتبار صحّ نسبة الإيجاب إلى كلّ من أوجب إلزام العقل نحو الفعل كمن أوعد بالجزاء على الفعل.
نعم، الخارج عن النفس شأنه الجبر و الاضطرار مثل أن يسحبك [شخص] و يدخلك الدار، أمّا لو أراد الشخص دخولك الدار اختيارا فلا سبيل له إليه إلّا بترتيب مقدّمات يلزمك عقلك بالدخول، أو يرجح لك الدخول في موضوع تلك المقدّمات، و المقدّمات المنتهية إلى ذلك إلى ما شاء اللّه، و من ذلك طلب المولى للفعل.
و الظاهر أنّ كلّ أوامر المولى ملزمة، يعنى موجبة لإلزام العقل بالإطاعة، و لا شيء في أوامره استحبابيّة يرخّص العقل في ترك الإطاعة و إلقاء طلب المولى وراء الظهر و سحقه [1]. فتقسيم أوامر الشرع إلى إيجابيّة و استحبابيّة باطل، بل كلّ أوامر الشرع إيجابيّة.
و أمّا الاستحباب فذلك ليس من مقولة الطلب، بل هو تحبيب للفعل بالنسبة إلى الطرف القابل بجعل الأجر و الثواب لكي يختاره شوقا إليه و رغبة منه؛ فإنّه و إن كان كارها للفعل لمشقّته، لكن يكون راغبا له بما يرى أنّ في إتيانه الأجر و الثواب، كالحمّال يحمل الحمل الثقيل شوقا إليه لما يرى في فعله من الأجر.