يرجع تأريخ علم الاصول إلى القرون الهجريّة الاولى، فبعد وفاة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم)- كما قدّمنا- أحسّ المسلمون بالخلل الّذي حصل لهم، حيث كانوا قبل وفاته (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) لا يواجهون مشكلة و لا حادثة إلّا و سألوا عنها النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) فكانت الأجوبة تأتيهم وافية شافية، لكنّهم بعد أن فقدوه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) أحسّوا بعظم المصيبة و فداحتها، سيّما و أنّ الإسلام بدأ ينتشر في الأصقاع، و أنّ مجتمعات و أمما كثيرة بدأت تدخل في الدين الحنيف، و بمرور الزمان بدأت حاجة المسلمين تشتدّ إلى طريق يصلون به إلى معرفة الأحكام الإسلاميّة من نصوصها الأصليّة، و إلى استنباط أحكام للقضايا الجديدة تتّفق مع الكتاب و السنّة.
تفيد الروايات الّتي وصلتنا عن أئمّة أهل البيت (عليهم السّلام) أنّ الأئمّة (عليهم السّلام) كانوا- في بعض الأحيان- يلقون إلى بعض أصحابهم كليّات بعض الامور و يوكلون إليهم تفريع الأحكام حسب هذه الكليّات.
و أوّل من فتح باب هذا العلم هو الإمام الباقر (عليه السّلام) و بعده ابنه الصادق (عليه السّلام) و قد أمليا (عليهما السّلام) على جماعة من تلامذتهما قواعد هذا العلم و مسائله، و قد جمع بعض من تلك الأمالي في كتب مستقلّة متّصلة الإسناد إلى أهل البيت (عليهم السّلام)، منها كتاب «اصول آل الرسول» و كتاب «الفصول المهمّة في اصول الأئمّة» و كتاب «الاصول الأصيلة» و كتاب «الاصول الأصليّة».
و قد أفرد بعض مباحث هذا العلم بالتصنيف تلميذ الإمام الصادق (عليه السّلام) هشام