إذا عرفت ما ذكرنا من الامور، فلنشرع في بيان المقصود و محلّ النزاع فأقول: إنّ النهي إمّا أن يتعلّق بنفس العبادة، أو بجزئها، أو بوصفها، و هو إمّا داخليّ أو خارجيّ، و هو إمّا لازم أو مفارق، و أمثلتها واضحة.
أمّا الأوّل؛ فالظاهر كونه محلّا للنزاع، و لا يخفى أنّ النهي فيه إمّا إرشاديّ أو مولويّ، فالأوّل على أقسام، و لا بأس بذكر بعض الفروع و إن كان خارجا عن محلّ الكلام، بناء على ما ذكرنا من نتيجة عقد هذا المبحث من كونه لبيان كشف النهي عن عدم المصلحة و عدم كشفه.
منها: أن يكون النهي واردا في مورد دفع توهّم الإيجاب، و لا ريب أنّ النهي فيه لا يدلّ على الفساد، و إنّما يدلّ على عدم الإيجاب و لا يلزم أن لا يكون في الفعل مصلحة أصلا، فإمّا أن يكون هناك إطلاق يرجع إليه عند الشكّ أم لا؟
فعلى الأوّل: فعند الشكّ في الصحّة و الفساد هو المرجع أو يؤتى بالعمل بداعي احتمال المصلحة أو الرجحان الذاتي، و على الثاني؛ فلمّا لم يكن طريق لإثبات المصلحة و لو احتمالا لأنّ النهي لا يثبتها، فأصل الفساد هو المرجع [1].
و منها: ورود النهي لإثبات عدم المشروعيّة أمّا فعلا فلا يدلّ أيضا على الفساد؛ لأنّه لا يرفع الملاك و الاقتضاء رأسا، فيصير من باب اجتماع الأمر و النهي فإن كان عالما بالنهي فيجري خلاف الجواز و الامتناع فيه، و إن كان جاهلا به فيصحّ، لأنّ المفروض أنّه لا مانع من التقرّب به، و أمّا يكون إرشادا إلى
[1] لا يخفى أنّ هذا القسم خارج عن الإرشاد «منه (رحمه اللّه)».