و يمكن تصوير الاجتماع بتقريب آخر يتمّ بالتنبيه إلى أمرين:
الأوّل: قد بيّنا في مبحث تعلّق الأمر بالطبائع أنّ من لوازم تعلّق الأمر بالطبيعة [1] كون الأفراد واجبا تخييريّا شرعيّا أو عقليّا على الخلاف، و معناه اقتضاء الأمر سدّ باب جميع أعدام الفرد سوى العدم الملازم للفرد الأخر، أي لا يقتضي الوجوب التخيّري بالنسبة إلى الفرد أزيد من سدّ باب الأعدام الملازم لعدم الطبيعة، فخصوصيّة الفرد خارجة عن حيّز الطلب، فترك كلّ واحد من الأفراد لا إلى بدل يكون مبغوضا و ترك كلّ منها إلى بدل يكون تحت الترخيص.
و أمّا في باب النواهي قد ذكرنا أنّ تعلّق النهي يكون بالطبيعة السارية، و لازمه حرمة كلّ واحد من الأفراد تعيينا لتعلّق الطلب لكلّ واحد من الحصص الموجودة فيها على سبيل التعيين.
الثاني: لا بدّ أن يعلم أنّ التزاحم في المصلحة و المفسدة إنّما يكون من جهة واحدة، و هي التزاحم في التأثير، بخلاف التزاحم في الإرادة، فإنّه لمّا كان مستتبعا للوجود فالتزاحم فيها يكون من جهتي الوجود و التأثير، و لذلك لا يتعلّق بالمتضادّين، بخلاف المحبوبيّة و المبغوضيّة التابعتين للمصلحة و المفسدة، فإنّ المتعلّق بهما و إن كان ممتنعا وجوده في الخارج لو كان أمرا واحدا، و لكن لا يمنع ذلك عن نفس تحقّق المحبوبيّة و المبغوضيّة، فلو فرض كون أحد من المصلحة و المفسدة أهمّ فذلك لا يمنع عن تحقّق الحبّ و البغض، فلا بدّ من ترجيح كلّ من المصلحة و المفسدة على الآخر.