قد فرّق (قدّس سرّه) في «الكفاية» بين المسألتين [1] باختلافهما في جهة البحث، ثمّ اعترض على صاحب «الفصول» بافتراقه من جهة اختلاف الموضوع [2] بأنّ الاختلاف في الموضوع إذا لم يكن من جهة الاختلاف في البحث لا يصير سببا للافتراق [3].
أقول: يمكن إرجاع كلامه إلى ما ذكره (قدّس سرّه) بأنّه لمّا بنى اختلاف الجهة في الواحد للعنوانين العارضين لوجود واحد على عدم السراية في هذه المسألة، أو على السراية، لعدم لزوم الاختلاف في العنوان اختلاف الوجود حتّى يصير موجبا لتعدّد الموضوع الواحد، ثمّ بعد الفراغ من هذا الكلام يتكلّم في المبحث الثاني على الوجهين في الأوّل، باقتضاء النهي الفساد أم لا؟ و من المعلوم؛ أنّ صاحب «الفصول» ما قصر نظره في الفرق باختلاف الموضوع و التكلّم في كلّ مسألة مع قطع النظر عن الآخر، فيدخل الاختلاف في جهة البحث قهرا أيضا في وجه الميز.
و لكن لا بدّ أن يعلم أنّ الغرض في هذا المبحث إثبات التزاحم بين المقتضيين، بحيث يكون العلم بهما موجبا لعدم تمشّي قصد القربة [4] بالنسبة إلى المأمور به و رفعه، بخلاف المسألة الآتية، فإنّ التكلّم فيها إنّما يكون من جهة
[1] أي مسألة النهي في العبادة و مسألة اجتماع الأمر و النهي في واحد.