الثاني: أنّه لا إشكال في أنّ حمل المطلق على المقيّد إنّما هو متوقّف على تنافيهما، و إلّا فلا وجه في ذلك، لأنّهما دليلان مستقلّان يعمل كلّ في مورده.
ثمّ التنافي؛ تارة يكون بين النافي و المثبت كما سبق مثاله و شرح الكلام فيه، و اخرى يكون الدليلان مثبتين، و هذا على أقسام:
الأوّل: أن يكون كلّ من المطلق و المقيّد مسبّبا و يكون السبب فيهما واحدا، كما إذا ورد «إن ظاهرت فأعتق رقبة» و أيضا ورد «إن ظاهرت فأعتق رقبة مؤمنة». ففي هذه الصورة التنافي بين الدليلين واضح، حيث إنّ المفروض اتّحاد السببين و وحدة التكليف.
و ذلك؛ لأنّه و إن أمكن أن يكون التكليف عند الظهار متعدّدا بأن يجب عتق رقبتين، إلّا أنّ ظهور الأمر في صرف الوجود يدفع هذا الاحتمال، و هذا يبطل احتمال الواجب في الواجب أيضا، فلا يبقى إلّا احتمال حمل المقيّد على الاستحباب أو القيد، و الأوّل منهما بطل بالمقدّمة السابقة، فيتعيّن الثاني حينئذ.
الثاني: أن يكون كلاهما مطلقين، فهنا أيضا مناط الحمل محقّق؛ لظهور الأمرين في صرف الوجود، و احتمال تعدّد التكليف مدفوع بما عرفت، فتجب معاملة الإطلاق و التقييد لا غير.
الثالث: أن يكون أحدهما غير مقيّد بالسبب كالخطاب بالمطلق، و الآخر مقيّدا به، و هو الخطاب بالمقيّد، ففي هذه الصورة يشكل الأمر من حيث إنّ ظاهر الخطابين هو التباين، فيقتضي تعدّد التكليف و لا موجب للحمل، و ظهور الأمر في صرف الوجود لا يضرّ هنا، إذ كلّ من الأمرين ظاهر في صرف الطبيعة في