ثمّ إنّه ما بقي شيء من مهمّات مباحث الباب إلّا مسألة حمل المطلق على المقيّد، فنقول- و على اللّه التكلان-: إنّ المطلق إمّا أن يراد منه صرف الوجود، و إمّا مطلق الوجود.
أمّا في الأوّل؛ الّذي يكون المراد منه أن يتعلّق الحكم إمّا بصرف الطبيعة أو أحد الأفراد على سبيل البدل- كما في النكرة- المقيّد تارة يكون حكما سلبيّا، و اخرى يكون إيجابيّا، و للثاني أقسام سنتعرّضها.
و أمّا الأوّل: مثل ما ورد عقيب الأمر بإطلاق عتق الرقبة قول «لا تعتق رقبة كافرة»، بأن تكون النسبة بينهما العموم المطلق لا من وجه [1].
و على كلّ حال؛ لا إشكال في لزوم الحمل مطلقا، و ذلك لأنّه و إن لم يكن مطلق الدليل المقيّد ظاهرا في الغيريّة و الإرشاديّة لاختصاصه بالأوامر و النواهي الواردة في المركّبات، فهي الّتي انقلبت عن أصلها الأوّلي الظاهرة في النفسيّة إلى الغيريّة الدالّة على مدخليّة شيء في المركّب وجودا أو عدما، فلانتفائه أو وجوده يفسد المركّب؛ عبادة كان أم معاملة، و أمّا في غير المركّبات فهي على ظهورها الأوّلي باقية، فليست تدلّ على الغيريّة إلّا إذا قامت قرينة عليها.
و لكن مع ذلك- أي ظهور النهي في مثل لا تعتق الكافرة في النهي النفسي- لا محيص عن حمل المطلق، و تقييد إطلاق الأمر بالإعتاق بعدم الكفر؛ لما تقدّم نظيره في بحث العامّ و الخاصّ و إن كان هو من هذه الجهة كالمطلق الشمولي لا البدلي الّذي هو الآن محلّ البحث.
[1] و إلّا فلا بدّ من إعمال قواعد التعارض، «منه (رحمه اللّه)».