فهذان القسمان لمّا يوجبان قصور دلالة اللفظ بالنسبة إلى المنصرف عنه، و ما عدا المنصرف إليه، فلذلك يصير اللفظ حينئذ مقيّدا بغيرهما، و يمنع عن جريان مقدّمات الحكمة و الحكم بالتعميم.
هذا أساس مسألة الانصراف الّذي يصلح به عدّ اللفظ مقيّدا، و قد قسّمه الاستاد الشريف أقساما أنهاها إلى ستّة (ثلاثة) عشر.
ثمّ إنّه قد تصل ورود التقييدات المنفصلة إلى درجة يستكشف بها أن المطلق لم يكن في مقام البيان، بل هو لبيان أصل التشريع أو الإهمال، نظير المخصّصات المتكثّرة الّتي ترد على العامّ فتوجب سقوطه عن الحجيّة و قابليّة التمسّك به عند الشكّ.
في الحقيقة و المجاز
بقي الكلام في مسألة الحقيقية و المجازيّة و أنّه هل استعمال أسماء الأجناس و الموضوعة للماهيّات الكليّة في كلّ واحد من الاعتبارات الثلاثة؛ لها حقيقة، أم في بعضها مجاز؟
لا خفاء في أنّ ذلك يختلف على المسلكين في وضع تلك الألفاظ، أمّا على مسلك التحقيق- و هو مذهب السلطان [1]- فلا إشكال في أنّه لا مجازيّة في البين أصلا، إذ المفروض أنّ عليه الماهيّات موضوعة للمعنى اللابشرط المقسمي الّذي هو الجامع بين المعاني الثلاثة، فحينئذ استعمالها في كلّ منها يكون من باب استعمال الكلّي في الفرد و انطباقه عليه، حيث لم يكن بنحو
[1] مرّت الإشارة إليه في الصفحة: 518 من هذا الكتاب.