فمنها مفهوم الشرط، و المراد به ما يستفاد من أداة الشرط، و قد عرّف التفتازاني الجملة الشرطيّة بأنّها تعليق نسبة إلى نسبة اخرى [1]، و هو لا يخلو عن مسامحة؛ لمكان أنّ النسبة معنى حرفي لا يعقل صيرورتها بنفسها موردا للحكم، فلا بدّ أن يكون المراد به الأطراف، أي ما يقوم به النسبة.
و توضيح المقام: أنّه قد تقدّم في المباحث السابقة أنّ الحكمة في خلق الحروف هو أن يرتبط بين المعاني المتباينة ببركتها، حيث إنّ أسماء الذوات و الأفعال لمّا كانت معانيها الموضوعة لها متباينة لا ارتباط بينها، فكانت قاصرة في إفادة المراد عند تركّبها، فحينئذ كان يحتاج الجمع بينها بحيث تخرج عن الاستقلال و المباينة الذاتيّة إلى ما يجمعها و يجعلها مرتبطة، فالخالق الحكيم تعالى أوجد بإعلامه عباده الحروف الّتي بها تلتئم المتباينات، فشأن الأداة ذلك على النحو الكلّي.
ثمّ إنّ ثمرتها تختلف بحسب الموارد الجزئيّة، فشأن الحروف الشرطيّة تقييد مدخولها و تعليقها على أمر.
ثمّ إنّ التقييد بحسب التصوّر يمكن أن يرد على نفس مادّة اللفظ، و يمكن أن يرد على هيئته، و يمكن وروده على مجموع الأمرين، و لمّا كان الأوّلان فيهما المحذور، حيث إنّ تقييد المادّة يوجب أن يصير القيد قيدا للواجب، فيخرج عن الواجب المشروط، و الهيئة معنى جزئي آليّ غير قابلة للتقيّد، فتعيّن الأخير،