و بالجملة؛ الخلط بين التزاحم و التعارض بمكان من الغرابة، فإنّ البعد بينهما بعد المشرقين، و بينهما جهات من الفرق، و لا يمسّ أحدهما بالآخر أصلا.
الجهة الاولى من الفرق: أنّ التعارض عبارة عن تكاذب الخطابين معا في ما يحكيان عنه، بحيث لا يجتمعان في مقام الجعل و الإنشاء، أي لا يمكن جعل إنشاءين على موضوعهما المقدّر وجوده، سواء كان بينهما التباين أو العموم المطلق، فإنّ إنشاء حكم وجوب الإكرام على الموضوع، وجوده- و هو العالم بنحو العموم- مع إنشاء حرمة الإكرام على العالم الفاسق على فرض وجوده، ممّا لا يجتمعان في نفس الأمر، سواء وجد موضوع لهذين الحكمين في العالم أو لم يوجد.
و أمّا التزاحم؛ فهو عبارة عن عدم إمكان اجتماع الحكمين في مقام الفعليّة- أي في مقام تحقّق الموضوع الّذي فرض وجوده في مقام الإنشاء- كتزاحم الإزالة و الصلاة، أو الغريقين في القدرة الّتي هي أحد ما فرض وجوده و إنشاء حكم الصلاة على تقدير وجوده، و هكذا الإزالة.
الثانية: إنّ رفع التعارض إنّما هو برفع الحكم عن موضوعه، و أمّا علاج التزاحم فإنّما هو بارتفاع موضوع الحكم، و بعبارة واضحة؛ علاج التعارض و تقديم دليل «لا تكرم فسّاق العلماء» على [دليل] «أكرم العلماء» إنّما هو يتحقّق مع بقاء موضوع الحكمين، و أمّا تقديم أحد المتزاحمين لأهمّيّته أو لجهة اخرى فيوجب عدم تحقّق موضوع للآخر، لأنّ المكلّف لا يقدر- على الفرض- إلّا