يخلط الشدة باللين، و المخاشنة بالمحاسنة، فيعود الطلبة طوع يديه، يأتمرون بأمره و يقفون حيث أحب
و لقد بلغت كلية اللغة العربية أوج مجدها، و كانت غرس يديه.
و ترك كلية اللغة إلى كلية الشريعة في 24 من أكتوبر سنة 1944 م فأصلح من شأنها، و قوم من أودها، و ثقف من قناتها، و كان له فيها أثر محمود حتى استقال من رياستها في 23 من ديسمبر سنة 1945 م على أثر أمور في الأزهر لم ترضه. و لكنه بقي عضوا في جماعة كبار العلماء.
و أسند إليه منصب مشيخة الأزهر في 30 من ذي القعدة سنة 1370 ه (2 من سبتمبر سنة 1951 م) و بقي متقلدا هذا المنصب الجليل حتى يوم 9 من فبراير سنة 1952 م.
و كان الوطن في أيام توليه مشيخة الأزهر في محنة مع الإنكليز في قناة السويس و في حاجة إلى جمع الصفوف و توحيد الكلمة، فكان للشيخ السهم الموفور في هذه الدعوة الشريفة.
فنراه ينشر على الناس في يوم 15/ 1/ 1952 كتابا يقول فيه:
«أيها المصريون، أتوجه إليكم في هذه الظروف التي غشيتكم فتنتها، و حزبتكم شدتها، أن تكونوا إخوانا في الوطن متآخين متحابين، رائدكم الإخلاص لبلادكم و أنفسكم «و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم».
«و إن شر ما تبتلى به الأمم في محنتها أن تتفرق كلمتها، و أن تنحل وحدتها، و تنقطع أواصر المودة بين جماعاتها، فيشق العدو الطريق إليها، و ينفذ بسهامه إلى صدور أبنائها».
«و هذه مصر، بلادكم العزيزة و وطنكم المحبوب تناديكم جميعا، شيبا و شبانا، رجالا و نساء، أقباطا و مسلمين، أن تكونوا سهاما مسددة نحو عدوها، و أن تلقوا الغاصب صفا واحدا كأنكم بنيان مرصوص، بقلوب لا تعرف إلا الوطن و الدفاع عن حوزته».