تعارف في أوساط العشائر ـ خصوصاً من أهل الأرياف والبوادي ـ إجراء عقوبات وضمانات تحل بها المشاكل الناجمة عن تعدي بعضهم على بعض، وهي قد تبتني على اُمور:
الأول: تحكيم رؤساء العشيرة أو من يرتضونه في حل النزاع. وهذا أمر لا يحل شرعاً فان الحكم في ذلك للحاكم الشرعي، وهو الفقيه العادل المأمون على الدنيا والدين، والذي لا تأخذه في الله تعالى لومة لائم. وعلى ذلك يحرم منهم الحكم حتى لو كان على طبق الحكم الشرعي، ولا ينفذ في حق الآخرين، فانه من حكم الطاغوت وقد قال تعالى: ((يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيد)) . نعم إذا لم يبتنِ الرجوع لهم على تحكيمهم، بل على مجرد استئمانهم على بيان الحكم الشرعي وتنفيذه جاز ذلك. ولزمهم التحفظ في أخذ الحكم بالرجوع لمن يجب تقليده من العلماء، على ما هو مذكور في محله، ووجب على الآخرين تنفيذه إذا تأكدوا من عدم خطئهم في معرفته.
كما أنه لو كان الرجوع لهم من أجل الرضى بما ينسِّبونه ويرجحونه في حل المشكلة من دون حكم منهم ولا إلزام بما ينسِّبون، حل الرجوع لهم وحل منهم التدخل في حل المشكلة. لكن لا ينفذ ما ينسبونه في حق كل أحد إلا برضاه، ولا يحل لأحد أن يجبره عليه.