حتّى لا تكون مانعة، أو باقية من الأوّل حتّى تكون مانعة، فيكون شاكّاً في مانعيّتها، فتجري أصالة البراءة العقليّة و الشرعيّة كما في اللّباس المشكوك فيه؛ فإنَّ الأظهر من الأدلّة على كثرتها هو مانعيّة النجاسة من الصلاة، لا شرطيّة الطهارة، كما يظهر لمن تدبّرها، و إن كان بعضها يوهم الشرطيّة مثل هذه الصحيحة، لكنّ المانعيّة هي الأقوى بحسب مفاد الأدلّة.
و استصحاب الطهارة في صدر هذه الصحيحة لعلّه من باب كون الطهارة و عدم النجاسة أمراً واحداً بحسب نظر العرف، و المقصود كون اللّباس خالياً عن القذارة المانعة، و هو حاصل بإجراء أصل الطهارة، و إجراء أصالة عدم عروض النجاسة.
هذا إذا كان المُراد من الأصل في ذيل الصحيحة هو أصالة عدم عروض النجاسة إلى الآن، كما أنَّه ربما يُستأنس من قوله:
(لا تدري لعلّه شيء اوقع عليك)
. و إلّا فيمكن أن يقال: إنَّ المراد من الأصل أصالة عدم عروض المانع في الصلاة؛ فإنَّ النجاسة الواقعيّة لم تكن مانعة مع الجهل بها، و النجاسة المعلومة يمكن أن تكون حادثة غير مانعة، فقبل العلم بها يكون عدم عروض المانع في الصلاة التي بيده مُتيقّناً، فيستصحب إلى زمان العلم، فيغسل الثوب و يبني على الصلاة.
و لو فُرض عدم جريان أصالة عدم المانع فأصالة بقاء الهيئة الاتصاليّة أيضاً جارية، كما هو المُقرّر في محلّه.
فتحصّل من جميع ما ذكرنا: أنَّ بين الصورتين فرقاً بحسب الاصول و القواعد، كما فرّق بينهما الإمام عليه الصلاة و السلام.